Explanation of Tahawiyyah Creed - Yusuf Al-Ghufays
شرح العقيدة الطحاوية - يوسف الغفيص
ژانرونه
حكم المجتهد بتكفير معين ليس حكمًا قطعيًا
من لم يجعل العمل أصلًا في الإيمان، أي: أن عدمه لا يكون كفرًا، معتبرهم في الجملة هو أن هذا المعين يكون معه إيمانٌ في الباطن، ومعلوم أن من صح إيمانه باطنًا امتنع كفره ظاهرًا إلا على وجه من الاجتهاد، وما كان وجهًا من الاجتهاد قد يكون غلطًا كسائر أحكام المجتهدين، أي: أنه قد يحكم بعض المجتهدين من أهل العلم على معينٍ من أهل القبلة لبدعةٍ قالها أو نحو ذلك بالكفر، ويكون في نفس الأمر عند الله ليس بكافر، بل له شبهة أو تأويل أو غير ذلك من الموانع التي منعت كفره.
ويذكر شيخ الإسلام تحت هذا ما ثبت في الصحيحين من حديث أبي سعيد وأبي هريرة ﵄ قالا: (إن رجلًا قال لبنيه: إذا أنا مت فأحرقوني، ثم ذروا نصفي في البر ونصفي في البحر، فوالله لئن قدر الله عليَّ ليعذبني عذابًا لم يعذبه أحدًا من العالمين)، وفي أول الحديث قصة معروفة.
فالشاهد من هذا أن هذا الرجل قال ما هو كفر بالإجماع، فإنه شك في المعاد، وأنكر عموم القدرة.
قال شيخ الإسلام: والظاهر من حاله أنه كان مقرًا بأصل المعاد وأصل القدرة، وإنما شك في عموم القدرة وفي المعاد نفسه على هذه الحال، قال: ومع هذا فإن قوله هذا في هاتين المسألتين كفرٌ بالإجماع، ومع ذلك غفر الله له، وهذه واقعة عين، وإنما يُعلم بها أنه قد يكون القول كفرًا في الظاهر، ولا يلزم أن يكون صاحبه في الباطن كافرًا، فمن كفره من المجتهدين إذا فرضنا أنهم قارنوه في عصره، لم يلزم بذلك أن يكون حكمهم هو الحكم الذي يوافي العبد به ربه يوم القيامة.
فهذا من أخص فقه هذا الباب، وهو العلم بالتلازم بين الظاهر والباطن.
فالمآل في الآخرة معتبر بما عليه المرء في الحقيقة وفي نفس الأمر، والمراد من ذلك أن أحكام الاجتهاد لا يلزم بالضرورة أن تكون أحكامًا موجبة، وعليه فإذا قيل عن مقالة من المقالات إنها كفر، فكفّر أحدٌ من الأعيان من أهل القبلة من قبل أحد المجتهدين، لم يلزم من ذلك أن نجزم بأن هذا العبد يوافي ربه بالكفر، بل قد يكون على خلاف ذلك، وقد يكون كافرًا في نفس الأمر.
فهذه مسألة ليس فيها اطراد، أي: ليس هناك تلازم بين الحكم الذي يقوله مجتهدٌ في أحد أعيان المخالفين من أهل البدع في الظاهر، وبين الحكم الذي يكون في الباطن، فإن أهل البدع الذين خالفوا أصول السنة والجماعة بأقوالٍ كفرية -كما يقول شيخ الإسلام - جمهورهم من أهل الإسلام، وفيهم من يكون منافقًا في نفس الأمر.
19 / 26