Explanation of Sahih Muslim - Hasan Abu Al-Ashbal
شرح صحيح مسلم - حسن أبو الأشبال
ژانرونه
شرح حديث: (فأما النار فلا تمتلئ حتى يضع الجبار فيها رجله)
قال: [حدثنا محمد بن رافع حدثنا عبد الرزاق حدثنا معمر عن همام بن منبه قال: هذا ما حدثنا أبو هريرة ﵁ عن رسول الله ﷺ فذكر أحاديث منها: قال رسول الله ﷺ: (تحاجت الجنة والنار فقالت النار أوثرت بالمتكبرين والمتجبرين، وقالت الجنة: فما لي لا يدخلني إلا ضعفاء الناس وسقطهم وغرتهم)]، أي: أصحاب الحاجة أو البله.
[(قال الله للجنة: إنما أنت رحمتي أرحم بك من أشاء.
وقال للنار: إنما أنت عذابي، أعذب بك من أشاء من عبادي، ولكل واحدة منكما ملؤها.
فأما النار فلا تمتلئ حتى يضع الله ﵎ رجله، فتقول: قط، قط، فهنالك تمتلئ، ويزوى بعضها إلى بعض، ولا يظلم الله من خلقه أحدًا، وأما الجنة فإن الله ينشئ لها خلقًاَ)].
قوله ﵊: (فأما النار فلا تمتلئ حتى يضع الجبار فيها رجله) جاء في في رواية: (قدمه) وفيه إثبات القدم والرجل لله سبحانه.
وقوله: (وأما الجنة فإن الله ينشئ لها خلقًا).
أي: يخلق خلقًا جديدًا لم يسبق بخلق من قبل.
والفوائد التي في هذا النص ما يلي: أن الرسول الكريم ﷺ أثبت لربه أن رجلًا، وأن له قدمًا، وقد استنكف كثير من أهل العلم أن يؤمنوا بهذا على ظاهره وقالوا: إثبات الرجل والقدم لله تعالى تعني الجارحة، والله تعالى منزه عن الجوارح، والموصوف بها هم الخلق، وإذا أثبتنا الرجل على الحقيقة لله فإنما نقول: إن الله تعالى شبيه بخلقه حاشا لله تعالى.
والأصل الأصيل عند أهل السنة والجماعة في باب الاعتقاد، وفي باب الصفات على جهة الخصوص: أنهم يثبتون لله تعالى ما أثبته لنفسه في كتابه، وما أثبته له رسوله ﷺ في سنته على المعنى اللائق بالله تعالى من غير تمثيل، ولا تكييف، ولا تعطيل، ولا تأويل.
هذا هو معتقد أهل السنة والجماعة، وهو المعتقد الحق وكل من اعتقد في صفات الله تعالى غير ذلك فهو من الفرق الهالكة الضالة.
والله تعالى له ذات، ولا يجوز لأحد قط أن يخالف في ذلك.
وقال بعض الثنوية: الله تعالى ليس ذاتًا وإنما هو نور.
وإنما نقول: إن من أسماء الله تعالى النور، وإذا كنا قد اتفقنا أن الله تعالى ذاتًا فليس هناك ذات مطلقًا إلا ولها صفات، فمن من الناس يستطيع أن يصرف ذات الله؟
الجواب
لا أحد، فهذان أمران لا ثالث لهما، أنا لا أستطيع أن أصف شيئًا إلا رأيته أو رأيت له مثيلًا.
فهل رأى أحد ربه؟
الجواب
لا.
الثاني: هل أحد يشبه الله ويماثله ويكافئه؟ الجواب: لا.
إذًا: لا يستطيع أحد أن يصف الله تعالى، وإنما يجب على كل أحد أن يثبت لله تعالى ما أثبته لنفسه من صفات وأسماء على المعنى اللائق بالله تعالى، فإذا كانت هذه الذات تختلف بالضرورة والوجوب اللازم على ذوات المخلوقين، وإذا كانت ذوات المخلوقين مختلفة، فلي ذات وأنت لك ذات، لكني أبيض وأنت أسمر، أنت أطول وأنا أقصر، أنت متين وأنا نحيف، فهذه اختلافات في ذوات المخلوقين، فكيف بالخالق ﷾، وكيف بصفات الخالق، فلابد أن نقول: إن لله تعالى صفات تختلف عن صفات المخلوقين، فأنا لي رجل، وللمولى سبحانه رجل، لأنه ورسوله ﵊ أثبتا ذلك.
إذًا: لابد أن أسلم أن للمولى ﷿ رجل وأن لي رجلًا، لكن شتان ما بين رجل الرحمن ورجلي، ما بين رجل الخالق ورجل المخلوق، لأن الصفات فرع عن الذات، فإذا كانت الذات مختلفة فلابد أن تختلف الصفات، فأقول: الله تعالى له رجل تختلف عن أرجل المخلوقين، له رجل تليق بعظمته وجلاله وكبريائه ﷾.
ثم هل ثبت في نص أن لله تعالى رجلين، أو ثلاثة، أو أربعة أو واحدة؟ هل ثبت نص في ذكر رجلين لله تعالى أم واحدة؟ أنا لا أستطيع تصور الكلام هذا، فالخالق لا يقاس بالمخلوق، وهذا ممتنع في الأذهان أن تنزل صورة الرحمن على صورتك، فإثبات الرجل لله تعالى كما أثبتها لنفسه، هذا هو منتهى الكمال لله ﷿، والمخلوق الذي له رجل واحدة يكون فيه عجز ونقص وعيب، لكن إثبات هذه الرجل الذي أثبتها لنفسه وأثبتها له رسوله ﵊ هذا منتهى الكمال لله ﷿.
والله تعالى له عينان كما جاء ذلك في القرآن الكريم وفي السنة النبوية، فلا يصح في الأذهان أن أتصور أن الله تعالى له عينان كعيني وهما في نفس الموضع من الوجه كما أن عيني في نفس الموضع من الوجه، والذي يصح مني أن أثبت أن لله تعالى عينين وتنتهي قضيتي عند هذا الحد، لا أقول: المقصود بهما الرعاية والإحاطة، والمحافظة على العباد، والقيام على شئونهم، فهذا تأويل النص وخروج به عن ظاهره.
وإن شئت فقل: هذا ما يسميه العلماء بالتعطيل.
أي: تعطيل الذات عن الصفات.
والله ﷿ أثبت لنفسه الوجه، فلا يستطيع أحد أن يثبت أن لله تعالى أنفًا، فهذا إجرام في حق الله تعالى؛ لأنه لم يثبته لنفسه، ولم يثبته له نبيه ﵊.
إذًا: في النهاية لابد أن أخرج بنتيجة وهي: أن
9 / 11