160

Explanation of Sahih Muslim - Hasan Abu Al-Ashbal

شرح صحيح مسلم - حسن أبو الأشبال

ژانرونه

شرح حديث: (ناركم هذه التي يوقد ابن آدم جزء من سبعين) قال: [حدثنا قتيبة بن سعيد، حدثنا المغيرة بن عبد الرحمن الحزامي، عن أبي الزناد، عن الأعرج، عن أبي هريرة ﵁ أن النبي ﷺ قال: (ناركم هذه -أي: نار الدنيا- التي يوقد ابن آدم جزء من سبعين جزءًا من حر جهنم)]. أي: هذه النار التي يوقدها ابن آدم هي جزء من سبعين جزءًا من نار جهنم. يعني: أن نار الدنيا تضرب في سبعين، ويصح أن تكون هذه النار هي نار جهنم، وقد سمعت بعض مشايخنا يقول: هذا الجزء من النار الذي يوقده ابن آدم هو مجموع ما أوقده ابن آدم من لدن آدم إلى قيام الساعة. أي: هذه النار كلها التي بالمصانع الحربية، والحديد، والصلب، والإسمنت وغير ذلك مما يوقده الناس من النار لطعامهم وشرابهم لو اجتمعت منذ أن خلق الله النار حتى يوم القيامة فمجموع هذه النار يمثل في نار جهنم جزءًا من سبعين جزءًا، ولعمري لو كانت هذه النار كعود الكبريت لكفت، ولكن هذه النار أعدها الله ﷿ للكفار الذين يستحقون ذلك وزيادة. قال: [(قالوا: والله إن كانت لكافية)]. الصحابة لما سمعوا ذلك قالوا: والله لو أن النار التي أعدت للآخرة مثل نار الدنيا لكانت كافية. [قال: (فإنها فضلت عليها بتسعة وستين جزءًا، كلها مثل حرها)]. أي: كل جزء منها مثل حر نار الدنيا التي يوقدها ابن آدم. قال: [حدثنا محمد بن رافع، حدثنا عبد الرزاق]. وهو عبد الرزاق بن همام الصنعاني اليمني كان إمامًا جليلًا، وهو شيخ اليمن في زمانه، لم يكن أحد يتقدم عليه، واليمن منذ أن دخلت في الإسلام إلى يومنا هذا لا يبرز فيها في كل قرن أو في كل مدة من الزمان إلا واحدًا، لا يبرز فيها اثنان في آن واحد إلا نادرًا جدًا كما برز الصنعاني والشوكاني، إنما في كل قرن من القرون أو مدة من الزمان يبرز فيها واحد فقط، وأول البارزين فيها أبو موسى الأشعري ﵁، ثم أبو هريرة وكلاهما من اليمن، وأنتم تعلمون أن إسلام أبي هريرة كان متأخرًا، فقد أسلم بعد رجوع النبي ﵊ من غزوة خيبر، ولازم النبي ﷺ ثلاث سنوات وبضعة أشهر على ملء بطنه، فهو القائل ﵁: أما المهاجرون فقد شغلتهم تجارتهم، وأما الأنصار فقد شغلهم حرثهم وزراعتهم، وأما أنا فلزمت النبي ﷺ على ملء بطني أو قال: على شبع بطني. فحصل من العلم ما لم يحصله الأكابر، وما لم يحصله من تقدم عليه كـ أبي بكر وعمر وغيرهما، ولذلك لعلكم تعلمون الإفكة والشبهة التي حرص أعداء الإسلام أن يوجهوها إلى الإسلام بالطعن في أبي هريرة؛ لأنه أعظم الصحابة على الإطلاق رواية إلا ما كان من عبد الله بن عمرو بن العاص. قال أبو هريرة: وإني لأكثر الناس رواية، وحفظًا عن رسول الله ﷺ إلا ما كان من عبد الله بن عمرو فإنه كان يكتب ولا أكتب. أي: عبد الله بن عمرو كان كاتبًا، وأبو هريرة كان أميًا لا يكتب، وكان عنده من الذاكرة الشيء العجيب جدًا؛ ولذلك دعاه بعض ملوك بني أمية في المدينة أن يحدثه بأحاديث، فحدثه بأربعمائة حديث، وكان الخادم يكتب من خلف الستار، وبعد عامين استدعاه، وقال: أتذكر شيئًا مما حدثتني به آنفًا؟ أي: منذ عامين. فقال: نعم. والخادم يراجع ما كان قد كتبه منذ عامين من خلف الستار، فلما قص عليه أبو هريرة ما كان قد أسمعه آنفًا خرج الخادم وقال: والله يا أمير المؤمنين ما قدم ولا أخر، ولا حذف، إنما حدث بها من أولها إلى آخرها بنفس الترتيب. أبو هريرة أعجوبة الزمان في الحفظ، وابن عباس أقل منه حفظًا، ومع هذا كان ابن عباس يسمع القصيدة مكونة من ألف بيت شعرًا فإذا قيل لـ ابن عباس أحفظتها؟ يقول: نعم. فيقول الشاعر: كلا وألف كلا. فيقول ابن عباس متحديًا: أتحب أن تسمعها مني من أولها إلى آخرها أم من آخرها إلى أولها؟ وهذا شيء عجيب، والسلف ﵃ كانت ذاكرتهم قوية. وأبو هريرة ﵁ لما أتى مسلمًا إلى النبي ﵊ وأعلن إسلامه قال النبي ﵊: (هل لك حاجة يا أبا هريرة؟ قال: نعم يا رسول الله! أن تدعو لأمي أن تسلم فإن أبغض الناس إليها أنت، فدعا لها النبي ﵊ فأسلمت، قال: هل لك حاجة يا أبا هريرة؟ قال: يا رسول الله! ادع الله لي، فدعا له بالخير والبركة والنماء). وفي مجلس ما قال النبي ﵊: (من يبسط رداءه فأدعو له فلا ينسى من العلم شيئًا. قال

9 / 4