73

Explanation of Sahih al-Bukhari by Al-Huwaini

شرح صحيح البخاري للحويني

ژانرونه

ذكر الأشخاص عند الاستفتاء لا يعد من الغيبة قول: ومستفتٍ، مثل شخص جاء يستفتي عن فتوى كما روى الشيخان في صحيحيهما من حديث عائشة ﵂ قالت: (جاءت امرأة أبي سفيان - هند - إلى النبي ﷺ وقالت: يا رسول الله! إن أبا سفيان رجلٌ شحيح، فهل لي أن آخذ من ماله بغير إذنه؟ فقال لها: خذي ما يكفيك وولدك بالمعروف)، فلا شك أن أبا سفيان إذا علم أن هندًا جاءت وشكته، بل ووصفته بالشح الذي هو أشد البخل لغضب، فأعظم البخل هو: الشح، فكما ذكر الجاحظ وغيره، أن ثلاثةً من البخلاء تناظروا: أينا أبخل؟ فقال الأول: أما أنا فأبخل بمالي على نفسي. وقال الثاني: وأنا أبخل بمال الناس على نفسي. وقال الثالث: وأنا أبخل بمال الناس على الناس. قالا: لا جرم، أنت أبخلنا. يعني: استكثر المال فيه وهو ماله. فلو أن أبا سفيان علم أن هندًا شكته ووصفته بالشح عند النبي ﷺ لغضب، ولقال: كيف تفعلين مثل هذا؟ ولم يقل لها النبي ﷺ: كيف تصفينه بالشح، وأن هذا يغضبه، فسكت ﵊، وسكوته إقرار؛ لأنه لا يسكت على باطل أبدًا. قال لها: (خذي ما يكفيكِ وولدكِ بالمعروف) . فالفتوى: المستفتي سواءً كان رجلًا أو امرأة قد يذكر مساوئ مَن يستفتي عن حاله أو عنه، فهذا جائزٌ لا شيء فيه، ولا يعد من الغيبة المحرمة. القدح ليس بغيبة في ستةٍ متظلمٍ ومعرِّفٍ ومحذرِ ومجاهرٍ فسقًا ومستفتٍ ومَن طلب الإعانة في إزالة منكرِ قوله: ومن طلب الإعانة في إزالة منكر، مثل أن يأتيك آتٍ ويقول: تعال إلى المكان الفلاني أو البيت الفلان؛ فإن فيه أناسًا يشربون الخمر، أو يأتون الزنا، أو يفعلون كذا وكذا، وتسميهم بأسمائهم، فلا بأس بذلك، كل هذا يستثنى من الغيبة المحرمة. إذًا: ما نقابله في الكتب من وصف بعض الرواة بأوصافٍ لا تليق، لكنها جرت مجرى التعريف بهم، فكل هذا لا يعد من الغيبة المحرمة.

6 / 6