Explanation of Sahih al-Bukhari by Al-Huwaini
شرح صحيح البخاري للحويني
ژانرونه
ذكر الألقاب للتعريف لا يعد من الغيبة
وكنا ذكرنا في المجلس الماضي كلامًا حول هذا اللقب الذي هو لشيخ البخاري ﵀؛ في هذا الحديث وهو محمد بن الفضل، ولقبه عارم، وكنيته أبو النعمان، وهذا اللقب عارم فيه معنى الشدة وسوء الخلق، ولذلك كان محمد بن يحيى الذهلي ﵀ -وهو من صغار شيوخ البخاري؛ إذ إن شيوخ البخاري على خمسة أقسام، آخر قسم من هؤلاء منهم: محمد بن يحيى الذهلي ﵀، واتفق البخاري معه في كثيرٍ من شيوخه- فكان محمد بن يحيى الذهلي إذا حدَّث عن عارم يقول: حدثنا عارم، وكان بعيدًا عن العرامة؛ حتى لا يتوهم المستمع أن لقب عارم فيه شيءٌ من سوء الخلق.
وذكرنا أيضًا في المجلس الماضي أن هذا لا يعد من الغيبة المحرمة.
القدح ليس بغيبةٍ في ستةٍ متظلمٍِ ومعرِّفٍ ومحذرِ ومجاهرٍ فسقًا ومُسْتَفتٍ ومَن طلب الإعانة في إزالة منكر فالمتظلم لو ذكر سوءَة ظالمه لا يعد مغتابًا، وكذلك ما فعله أهل الكوفة مع سعد بن أبي وقاص، لما شكوه إلى عمر بن الخطاب، وكما حدث كثيرًا في زمن النبي ﷺ، إذا جاء رجلٌ يشكو آخر، منهم: أبو بكر الصديق لما شكا عمر بن الخطاب ﵁ للنبي ﷺ، كما في الصحيحين: (أنه حدث بين أبي بكر وعمر شيءٌ، وكان أبو بكر عنده حدة، فقال لـ عمر: اغفر لي، فقال عمر: لا أغفر لك، فتفرقا وبحث أبو بكر ﵁ عن النبي ﷺ حتى ظفر به وقد رفع شيئًا من ثيابه، فلما رآه النبي ﷺ قال: أما صاحبكم فقد غامر، فلما جاء أبو بكر قال: يا رسول الله! حدث بيني وبين عمر شيءٌ فقلت: له اغفر لي، قال: لا أغفر لك، فقال النبي ﷺ: يغفر الله لك يا أبا بكر ذكر ذلك ثلاث مرات، ثم إن عمر ندم، فذهب إلى أبي بكر في بيته فلم يجده، فجعل يبحث عنه حتى جاء مجلس النبي ﷺ، فلما رآه ﵊ احمرَّ وجهه وظهر عليه الغضب، وقال: جئتكم فقلتم: كذبت، وقال أبو بكر: صدقت، ومنعتموني فواساني بماله، فهل أنتم تاركو لي صاحبي، قال الراوي: فما أوذي بعدها) .
وهكذا مسألة الخصومات كانت كثيرة في زمان النبي ﷺ، ومع ذلك لم يعقب النبي ﵊ على المتظلم ولم يقل له: هذه غيبة محرمة، ولا يجوز لك.
فأي إنسان متظلم يجوز له أن يذهب إلى القاضي، أو يذهب إلى جهة التقاضي، فيقول: فلان ظلمني أو فلانٌ كذا، أو نحو هذه العبارات، فلا يعد هذا من الغيبة المحرمة.
والمعرِّف كما ذكرنا في لقب عارم؛ لأننا عرفناه بذلك، وكذلك الأعمى والأعرج، وسليمان الأحول، وعاصم الأحول، وكذلك من وصف بعاهة فيه، ومن نسب إلى غير أبيه، مثل: إسماعيل بن علية مثلًا؛ كل هذا لا يُعَد من الغيبة المحرمة، طالما أن اللقب أو النسبة خرجت مخرج التعريف له لا التنقيص من شأنه.
القدح ليس بغيبة في ستة متظلمٍ ومعرفٍ ومحذرٍ ومجاهرٍ فسقًا ومُسْتَفتٍ ومَن طلب الإعانة في إزالة منكر
6 / 3