Explanation of Sahih al-Bukhari - Book of Funerals
نجاح القاري شرح صحيح البخاري - كتاب الجنائز
پوهندوی
شاكر محمد محمود الزيباري (باحث عراقي)
ژانرونه
جمهورية مصر العربية
جامعة القاهرة
كلية دار العلوم
قسم الشريعة
نَجَاحُ القَارِي شَرْح صَحِيْح البُخَارِي
لِلْإِمَامِ الْعَلَّامَةِ: يُوْسُفَ أَفَنْدِيْ زَادَهْ (١٠٨٥ - ١١٦٧ هـ)
دراسة وتحقيق
كتاب الجنائز
رسالة مقدمة لنيل درجة الماجستير في الشريعة الإسلامية
إعداد الطالب:
شاكر محمد محمود
بإشراف:
أ. د: رفعت فوزي عبد المطلب
للعام الجامعي
١٤٣٥/ ١٤٣٦ هـ - ٢٠١٤/ ٢٠١٥ م.
المقدمة / 1
- أ -
¬بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
المقدمة / 2
- ب -
¬إهداء
إلى من رباني على الفضيلة، وسهر على رعايتي، وحرص على تقديمي في درب العلم والدي العزيز.
وإلى من بذلت لي دعاءها المخلص في سجودها، وأكرمتني بحبها، وضحت من أجلي براحتها الغالية والدتي الحنون.
رب احفظهما وارحمهما كما ربياني صغيرًا، واجزهما عنّي وعن إخوتي خير الجزاء.
وإلى من جعل الله تعالى بينها وبيني مودة ورحمة ...
وإلى من أشار عليّ بالكتابة في هذا البحث.
أُهدي ثمرة هذا الجهد العلمي المتواضع.
الباحث
المقدمة / 3
- جـ -
¬شكر وتقدير
هذا، وإنّ الشكر والحمد لصاحبه ومستحقه ﷾ الذي أنعم عليّ بنعم كثيرة لا تحصى ولا تعد، ﴿وَمَا بِكُمْ مِنْ نِعْمَةٍ فَمِنَ اللَّهِ ثُمَّ إِذَا مَسَّكُمُ الضُّرُّ فَإِلَيْهِ تَجْأَرُونَ (٥٣)﴾ [النحل:٥٣]، فله سبحانه الحمد والشكر حمدًا وشكرًا لا منتهى لحده.
وبعد شكر المولى ﷿ أرى لزامًا علي أن أزجي الشكر الجزيل، والثناء العاطر إلى أساتذتي في قسم الشريعة كلية دار العلوم بجامعة القاهرة، سيّما الذين تركوا في نفسي أثرًا طيبًا.
ولشيخي الفاضل الأستاذ الدكتور: رفعت فوزي عبد المطلب، الذي مهما أثنينا عليه من كلمات الشكر والثناء فلن نعطيه حقه؛ إزاء ما قدم لي ولغيري وسيقدم من علم وجهد وتوجيه، وفتح باب مكتبته أمام طلابه، وما كان له من رحابة صدر حتى أتممت هذا البحث.
ولكل من ساعدني أو وقف معي بدعوة صادقة أرسلها بظهر الغيب، أو بإعارة كتاب، أو إهداء نصيحة.
الباحث
المقدمة / 4
المقدمة
الحمد لله العليم الحكيم باعث الرسل إلى طريقه المستقيم، والصلاة والسلام على من جاء رحمة للعالمين ومنقذًا للبشرية من الشر والضلال ﴿وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ (١٠٧)﴾ [الأنبياء: ١٠٧] نبينًا محمَّد ﷺ وعلى آله وصحبه أجمعين وسلم تسليمًا كثيرًا.
أما بعد، فإنما الهدى هدى الله وقد اشتمل عليه كتابه الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد.
والسنة النبوية بعد القرآن الكريم أشرف العلوم وأعلاها؛ إذ هي المبينة لمشكله، المفصّلة لمجمله، المخصّصة لعامه، المقيّدة لمطلقه وفيها أسند الله إلى رسوله ﷺ، بيان القرآن ﴿وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ﴾ [النحل: ٤٤].
لهذا تضافرت جهود المحدثين لخدمة السنة النبوية واهتموا بحفظها وتدوينها اهتمامًا بالغًا، فقد نقل الصحابة - رضوان الله عليهم - لنا أقوال رسول الله، ﷺ، وأفعاله كلها من مطعم ومشرب ويقظة ونوم وقيام وقعود، فلم يتركوا شيئًا صدر عنه، ﷺ، إلا نقلوه.
فإن أشرف ما اشتغل به طالب العلم من بحثٍ ومراجعةٍ بعد كتاب الله الذي هو حبله المتين، الهادي للتي هي أقوم، هو دراسة كلام رسوله ﷺ، واستنباط الأحكام منه، والاستدلال به، والاعتماد عليه في حل مشاكل الحياة، وقد قام حملة كنوز الشريعة وحماة الملة بعنايةٍ فائقة وجهودٍ عظيمة، يذودون عن الملة، ويبَصِّرون التائه بمنار الطريق، فخدموا سنة رسول الله جمعًا وتنسيقًا واستنباطًا، وإيضاح ما قد يشكل، وكشف ما قد يوهم، فتركوا لنا ثروةً علمية عظيمة نفيسة.
وممن اعتنى بذلك العلامة: "يوسف زاده"، فألّف كتابه "نجاح القاري شرح صحيح البخاري" الذي يعد أوسع شرح لجامع الصحيح"، قد أفرغ فيه مؤلفه وسعه، وبذل جُهده حتى أخرجه للناس كتابًا جامعًا لآراء السَلَف رواية ودراية، مشتملًا على أقوال الخَلَف بكل أمانة وعناية، فهو جامع
1 / 1
لخلاصة كل ما سبقه من الشروح، فنراه ينقل عن ابن بطال، والكرماني، وابن الملقن، وابن رجب، وابن حجر، والعيني، وغيرها من الشروح المعتبرة.
نسأل الله تعالى أن يجعل هذا العمل خالصًا لوجهه الكريم، نافعًا لعباده، وأن يجزي فضيلة العلامة "محمد بن يوسف زاده" عن الإسلام والمسلمين خير الجزاء، ويضاعف له المثوبة والأجر، إنه سميع قريب.
أهمية البحث:
تنبع أهمية هذا البحث أولًا من أهمية الحديث بشكل عام، فالحديث هو المصدر الثاني من مصادر التشريع في الإسلام، وعليه يعتمد في فهم وتفسير كثير من نصوص القران الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه.
وترجع كذلك من كونه أضخم الشروح لأصح كتاب بعد كتاب الله ﷿، ولما يتضمنه من فوائد متنوعة في الحديث وغيره.
سبب اختياري لهذا البحث:
رشّح قسم الشريعة الإسلامية في كلية دار العلوم في جامعة القاهرة كتاب (نجاح القاري شرح صحيح البخاري) للإمام: يوسف زاده لطلاب الدراسات العليا كأطروحة ماجستير؛ لذلك رغبت بالمساهمة في هذا المشروع.
أهمية الكتاب العلمية، حيث إنه يتعلق بأهم مصدر من مصادر السنة النبوية وهو كنز ثمين أودع فيه مؤلفه ﵀ نقولات من أمهات المصادر -بعضها مفقود حتى الآن- حاول من خلالها كشف اللثام عما رأى أنه بحاجة إلى ذلك، سواء أكان ذلك يتعلق بالإسناد أو بالمتن. ولا شك أنه مادة ثرية للبحث والمعرفة.
1 / 2
• الرغبة الشديدة في ممارسة تحقيق أثر من آثار العلماء الأعلام في خدمة السنة النبوية على صاحبها الصلاة والسلام، وتطبيق القواعد المتعارف عليها عند أهل الفن في تحقيق النصوص والمقابلة بين النسخ المختلفة.
أهم الصعوبات التي واجهتني في تحقيق كتاب الجنائز:
كان الإمام يوسف زاده أحيانًا يحيل بعض الأحاديث على كتب قديمة، ليست في منتناول الدارسين، إما لتلفها وإما لأنها لا تزال في عداد المخطوطات التي لم تر النور بعد.
والكتاب يعد موسوعة فقه مقارن، توسع فيه المصنف في إيراد الأقوال والمذاهب المختلفة، مما كلفنا مشقة بالغة في عزو كل قول إلى قائله.
الدراسات السابقة:
هذا المخطوط يعتبر من كنوز المخطوطات الإسلامية الذي ما زال مخطوطًا في مكتباتنا الإسلامية ولم يطبع، وقد بدأ بعض من إخواننا الطلبة في قسم الشريعة بكلية دار العلوم ــ جامعة القاهرة ــ بتحقيق بعض من هذا المخطوط.
خطة الرسالة:
قسمت هذه الرسالة إلى مقدمة، وقسمين، وخاتمة:
• أما المقدمة فيها: البسملة، والحمدلة، وأهمية البحث، وأسباب اختيار الموضوع، والدراسات السابقة، وخطة الرسالة.
أما القسمان: فيكونان على النحو التالي:
o القسم الأول: قسم الدراسة.
التعريف بالمؤلفين، وكتابيهما: (صحيح البخاري، ونجاح القاري شرح صحيح البخاري).
وفيه خمسة فصول:
1 / 3
• الفصل الأول: الإمام البخاري، وحياته العلمية.
وهو يشمل عدة مباحث:
• المبحث الأول: اسمه، ونسبه، وكنيته، ولقبه.
• المبحث الثاني: مولده، ونشأته، وطلبه للعلم.
• المبحث الثالث: رحلته في طلب العلم.
• المبحث الرابع: شيوخه.
• المبحث الخامس: تلاميذه.
• المبحث السادس: مؤلفاته.
• المبحث السابع: ثناء العلماء عليه.
• المبحث الثامن: محنته ووفاته.
• الفصل الثاني: التعريف بـ (الجامع الصحيح) للإمام البخاري.
• وهو يشمل أربعة مباحث:
• المبحث الأول: اسمه ونسبته إلى الإمام البخاري.
• المبحث الثاني: شرط الإمام البخاري في صحيحه.
• المبحث الثالث: روايات الجامع الصحيح للبخاري.
• المبحث الرابع: عناية العلماء بصحيح البخاري، وذكر أهم شروحه.
• الفصل الثالث: التعريف بالإمام: عبد الله بن محمد بن يوسف، المعروف بـ (يوسف زاده).
وهو يشمل المبحثين:
• المبحث الأول: عصر الإمام: عبد الله بن محمد بن يوسف، المعروف بـ (يوسف زاده)، وفيه ثلاثة مطالب.
1 / 4
- المطلب الأول: الحالة السياسية.
- المطلب الثاني: الحالة الإجتماعية.
- المطلب الثالث: الحالة العلمية.
• المبحث الثاني: حياة العلامة (يوسف أفندي زاده)، وفيه ثمانية مطالب.
- المطلب الأول: اسمه ونسبه وكنيته ولقبه.
- المطلب الثاني: مولده، ونشأته، وطلبه للعلم.
- المطلب الثالث: شيوخه.
- المطلب الرابع: تلاميذه.
- المطلب الخامس: مؤلفاته.
- المطلب السادس: ثناء العلماء عليه.
- المطلب السابع: عقيدته ومذهبه الفقهي.
- المطلب الثامن: وفاته.
• الفصل الرابع: التعريف بكتاب (نجاح القاري شرح صحيح البخاري)،مع وصف المخطوط، ومنهج التحقيق.
وهو يشمل ستة مباحث:
• المبحث الأول: اسم الكتاب، وإثبات نسبته للمؤلف.
• المبحث الثاني: تاريخ بداية التأليف ونهايته.
• المبحث الثالث: منهج المؤلف في هذا الكتاب.
• المبحث الرابع: مصادر المؤلف في الكتاب.
• المبحث الخامس: مميزات هذا الشرح.
• المبحث السادس: وصف عام للمخطوط، والتعريف بالمخطوطات التي حقق عليها النص.
1 / 5
• الفصل الخامس: خمس مسائل فقهية مقارنة بفقه المذاهب الأخرى، واختيار الشارح فيها.
وهو يشمل هذه المسائل التالية:
• المَسْأَلَةُ الْأُوْلَى: الصَّلاة عَلى الغَائِب.
• المَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: الصَّلَاة على الْمَيِّت فِي الْمَسْجِد
• المَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ: زيارة القبور للنساء.
• المَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ: نقل الميت من موضع إلى موضع.
• المَسْأَلَةُ الخَامِسَةُ: الصلاة على شهيد المعركة.
o القسم الثاني: تحقيق كتاب الجنائز.
• وأما الخاتمة فقد ذكرت فيها أهم النتائج التى وصلت إليها.
1 / 6
القسم الأول: قسم الدراسة.
التعريف بالمؤلفين، وكتابيهما: (صحيح البخاري، ونجاح القاري شرح صحيح البخاري).
وفيه خمسة فصول:
• الفصل الأول: الإمام البخاري، وحياته العلمية.
• الفصل الثاني: التعريف بـ (الجامع الصحيح) للإمام البخاري.
• الفصل الثالث: التعريف بالإمام: عبد الله بن محمد بن يوسف، المعروف بـ (يوسف
• الفصل الرابع: التعريف بكتاب (نجاح القاري شرح صحيح البخاري).
• الفصل الخامس: خمس مسائل فقهية مقارنة بفقه المذاهب الأخرى، واختيار الشارح فيها.
1 / 7
الفَصْلُ الأَوَّلُ
الإِمَامُ البُخَارِيُّ، وَحَيَاتُهُ الْعِلْمِيَّةُ
سيرة الإمام البخاري ﵀ تستحق أن يكتب فيها الكثير، ومهما كتبت وتوسعت فلن أفي بحق سيد المحدثين والفقهاء، وما جعلني أحجم عن التوسع في ترجمته والتعريف به أن من سبق لهم الفضل في الكتابة عنه من الباحثين والمؤلفين، قد كتبوا الكثير المفيد عنه، وقد أغنى ذلك عن الإعادة والتكرار، لكنني أشير إلى حياته لمحات سريعة رجاء أن تأتي بالمطلوب.
وهو يشمل عدة مباحث:
• المبحث الأول: اسمه، ونسبه، وكنيته، ولقبه.
• المبحث الثاني: مولده، ونشأته، وطلبه للعلم.
• المبحث الثالث: رحلته في طلب العلم.
• المبحث الرابع: شيوخه.
• المبحث الخامس: تلاميذه.
• المبحث السادس: مؤلفاته.
• المبحث السابع: ثناء العلماء عليه.
• المبحث الثامن: محنته ووفاته.
1 / 8
الْمَبْحَثُ الْأَوَّلُ: اِسْمُهُ وَنَسَبُهُ وَكُنْيَتُهُ وُلقبُهُ (^١):
_________
(^١) تعددت المصادر التي كتبت عن الإمام البخاري ﵀ وهنا أشير إلى بعضها:
- ... الجرح والتعديل، أبو محمد عبد الرحمن بن محمد بن إدريس بن المنذر التميمي، الحنظلي، الرازي ابن أبي حاتم (المتوفى: ٣٢٧ هـ)، طبعة مجلس دائرة المعارف العثمانية - بحيدر آباد الدكن - الهند، دار إحياء التراث العربي - بيروت، الطبعة: الأولى، ١٢٧١ هـ ١٩٥٢ م (٧/ ١٩١) (١٠٨٦).
- ... الفهرست، أبو الفرج محمد بن إسحاق بن محمد الوراق البغدادي المعتزلي الشيعي المعروف بابن النديم (المتوفى: ٤٣٨ هـ)، المحقق: إبراهيم رمضان، دار المعرفة بيروت - لبنان، الطبعة: الثانية ١٤١٧ هـ - ١٩٩٧ مـ (ص: ٢٨٢ - ٢٨٣).
- ... تاريخ بغداد، أبو بكر أحمد بن علي بن ثابت بن أحمد بن مهدي الخطيب البغدادي (المتوفى: ٤٦٣ هـ)، المحقق: الدكتور بشار عواد معروف، دار الغرب الإسلامي - بيروت، الطبعة: الأولى، ١٤٢٢ هـ - ٢٠٠٢ م (٢/ ٣٢٢ - ٣٥٧) (٣٧٤).
- ... تهذيب الأسماء واللغات، أبو زكريا محيي الدين يحيى بن شرف النووي (المتوفى: ٦٧٦ هـ)، دار الكتب العلمية، بيروت - لبنان (١/ ٦٧) (٣).
- ... وفيات الأعيان وأنباء أبناء الزمان، أبو العباس شمس الدين أحمد بن محمد بن إبراهيم بن أبي بكر ابن خلكان البرمكي الإربلي (المتوفى: ٦٨١ هـ)، المحقق: إحسان عباس، دار صادر - بيروت (٤/ ١٨٨) (٥٦٩).
- ... تهذيب الكمال في أسماء الرجال، يوسف بن عبد الرحمن بن يوسف، أبو الحجاج، جمال الدين ابن الزكي أبي محمد القضاعي الكلبي المزي (المتوفى: ٧٤٢ هـ)، د. بشار عواد معروف، مؤسسة الرسالة - بيروت، الطبعة: الأولى، ١٤٠٠ - ١٩٨٠ (٢٤/ ٤٣٠) (٥٠٥٩).
- ... سير أعلام النبلاء، شمس الدين أبو عبد الله محمد بن أحمد بن عثمان بن قَايْماز الذهبي (المتوفى: ٧٤٨ هـ)، مجموعة من المحققين بإشراف الشيخ شعيب الأرناؤوط، مؤسسة الرسالة، الطبعة: الثالثة، ١٤٠٥ هـ / ١٩٨٥ م (١٢/ ٣٩١) (١٧١).
- ... البداية والنهاية، أبو الفداء إسماعيل بن عمر بن كثير القرشي البصري ثم الدمشقي (المتوفى: ٧٧٤ هـ)، تحقيق: عبد الله بن عبد المحسن التركي، دار هجر للطباعة والنشر والتوزيع والإعلان، الطبعة: الأولى، ١٤١٨ هـ - ١٩٩٧ م (١٤/ ٥٢٦).
- ... هدي الساري مقدمة فتح الباري، أحمد بن علي بن حجر أبو الفضل العسقلاني الشافعي، دار المعرفة - بيروت، ١٣٧٩، محمد فؤاد عبد الباقي (١/ ٤٧٧).
- ... طبقات الحفاظ، عبد الرحمن بن أبي بكر، جلال الدين السيوطي (المتوفى: ٩١١ هـ)، دار الكتب العلمية - بيروت، الطبعة: الأولى، ١٤٠٣ (ص: ٢٥٢) (٥٦٠).
- ... شذرات الذهب في أخبار من ذهب، عبد الحي بن أحمد بن محمد ابن العماد العَكري الحنبلي، أبو الفلاح (المتوفى: ١٠٨٩ هـ)، حققه: محمود الأرناؤوط، دار ابن كثير، دمشق - بيروت، الطبعة: الأولى، ١٤٠٦ هـ - ١٩٨٦ م (١/ ٢٤).
1 / 9
هو أبو عبدالله محمد بن إسماعيل بن إبراهيم بن المغيرة بن بَرْدِزْبه (^١) البخاري (^٢) الجعفي، وكان بردزبه فارسيًا على دين قومه، ومات على المجوسية ثم أسلم ولده المغيرة على يد اليمان الجعفي (^٣) والي بخارى (^٤)، فنسب إليه نسبة ولاء إسلام، وإنما قيل له الجعفي لذلك (^٥).
وأما والد الإمام البخاري إسماعيل بن إبراهيم، فكان يعد من العلماء الصالحين، حيث ترجم له ولده في كتابه التاريخ الكبير، وكناه بأبي الحسن وقال: " رأى حماد بن زيد، وصافح ابن المبارك بكلتا يديه، وسمع مالكًا" (^٦).
ويكنى الإمام البخاري بأبي عبدالله، البخاري. لقب بأمير المؤمنين في الحديث، وبإمام المحدثين.
_________
(^١) بفتح الباء الموحدة وسكون الراء المهملة وكسر الدال المهملة وسكون الزاي المعجمة وفتح الباء الموحدة بعدها هاء هذا هو المشهور في ضبطههدي الساري مقدمة فتح الباري (١/ ٤٧٧).
(^٢) بضم الباء الموحدة وفتح الخاء المعجمة والراء بعد الألف، هذه النسبة الى البلد المعروف بما وراء النهر يقال لها بخارا. انظر: الأنساب، عبد الكريم بن محمد بن منصور التميمي السمعاني المروزي، أبو سعد (المتوفى: ٥٦٢ هـ)، المحقق: عبد الرحمن بن يحيى المعلمي اليماني وغيره، مجلس دائرة المعارف العثمانية، حيدر آباد، الطبعة: الأولى، ١٣٨٢ هـ - ١٩٦٢ م (٢/ ١٠٧).
(^٣) تاريخ بغداد (٢/ ٣٢٢).
(^٤) بُخَارى: من أعظم مدن ما وراء النهر وأجلّها، يعبر إليها من آمل الشّطّ، وبينها وبين جيحون يومان من هذا الوجه، وهي مدينة من الجمهورية الأزبكية في بلاد الروس. معجم البلدان، شهاب الدين أبو عبد الله ياقوت بن عبد الله الرومي الحموي (المتوفى: ٦٢٦ هـ)، دار صادر، بيروت، الطبعة: الثانية، ١٩٩٥ م (١/ ٣٥٣).
(^٥) هدي الساري مقدمة فتح الباري (١/ ٤٧٧).
(^٦) التاريخ الكبير، محمد بن إسماعيل بن إبراهيم بن المغيرة البخاري، أبو عبد الله (المتوفى: ٢٥٦ هـ)، الطبعة: دائرة المعارف العثمانية، حيدر آباد - الدكن، طبع تحت مراقبة: محمد عبد المعيد خان (١/ ٣٤٢) (١٠٨٤).
1 / 10
الْمَبْحَثُ الثَّانِي: مَوْلِدُهُ، وَنَشْأَتُهُ، وَطَلَبُهُ لِلْعِلْمِ:
ولد ببخارى ليلة الجمعة لثلاث عشرة ليلة خلت من شوال سنة أربع وتسعين ومائة (^١).
توفي والده عنه وهو صغير، فنشأ يتيمًا في حجر أمه، وكانت امرأة صالحة، فقد روى أن محمدًا فقد بصره في صغره، فرأت هي الخليل إبراهيم ﵇ في المنام يقول لها: يا هذه قد ردّ الله على ابنك بصره لكثرة دعائك، فأصبح وقد ردّ الله عليه بصره (^٢).
ورث عن أبيه مالًا كثيرًا (^٣). قال أبوه عند موته: لا أعلم من مالي درهمًا من حرام، ولا درهمًا من شبهة (^٤). فتربي بهذا المال الحلال تربية صالحة، فكان له هذا الشأن العظيم.
ألهمه الله حفظ الحديث وهو في الكتّاب حتى قيل: إنه كان يحفظ وهو صبي سبعين ألف حديث (^٥).
وطلب العلم مبكرًا، واجتهد في ذلك، وبذل ما في وسعه للتزود من العلم والمنافع، وقد ساعده على ذلك ما حباه الله به من حافظة قوية وذكاء مفرط، وتحمل المشاق في تحصيل حديث رسول الله ﷺ ولما سئل عن دواء الحفظ قال: " لا أعلم شيئًا أنفع للحفظ من نهمة الرجل، ومداومة النظر" (^٦)
روى الفربري عن أبي جعفر محمد بن أبي حاتم الوراق، قال: قلت لأبي عبد الله محمد بن إسماعيل البخاري: كيف كان بدء أمرك في طلب الحديث؟
_________
(^١) تاريخ بغداد (٢/ ٣٢٢)، وتذكرة الحفاظ (٢/ ١٠٤).
(^٢) هدي الساري مقدمة فتح الباري (١/ ٤٧٨).
(^٣) تهذيب الكمال (٢٤/ ٤٣٠).
(^٤) هدي الساري مقدمة فتح الباري (١/ ٤٧٩).
(^٥) البداية والنهاية (١٤/ ٥٢٧).
(^٦) سير أعلام النبلاء (١٢/ ٤٠٦). وهدي الساري مقدمة فتح الباري (١/ ٤٨٧).
1 / 11
قال: أُلهمت حفظ الحديث وأنا في الكتاب.
قال: وكم أتى عليك إذ ذاك؟
فقال: عشر سنين أو أقل، ثم خرجت من الكتاب بعد العشر فجعلت أختلف إلى الداخلي (^١)، وغيره.
وقال يوما فيما كان يقرأ للناس: سفيان عن أبي الزبير عن إبراهيم، فقلت له: يا أبا فلان! إن أبا الزبير لم يرو عن إبراهيم، فانتهرني. فقلت له: ارجع إلى الأصل إن كان عندك، فدخل ونظر فيه ثم خرج. فقال لي: كيف هو يا غلام؟ فقلت: هو الزبير بن عدي عن إبراهيم، فأخذ القلم مني وأحكم كتابه، وقال: صدقت.
فقال له بعض أصحابه: ابن كم كنت إذ رددت عليه؟
فقال: ابن إحدى عشرة، فلما طعنت في ست عشرة سنة حفظت كتب ابن المبارك ووكيع، وعرفت كلام هؤلاء - يعني أصحاب الرأي- (^٢).
_________
(^١) قال الشيخ عبد الفتاح أبو غدة في رسالته (تحقيق الصحيحين واسم جامع الترمذي) (ص ١٤)،
لم أقف على اسم (الداخلي) ولا ترجمته، وقد بحثت عنه منذ أكثر من ثلاثين سنة، فما تركت كتابا وصل إلى يدي وظننت أن فيه احتمال وجوده فيه، إلا تصفحته وفحصته.
(^٢) تهذيب الكمال (٢٤/ ٤٣٩).
1 / 12
الْمَبْحَثُ الثَّالِثُ: رِحْلَتُهُ فِي طَلَبِ الْعِلْمِ:
بدأ البخاري ﵀ طلب العلم في سن مبكرة -كما ذكرنا سابقًا- فحفظ مرويات بلده وهو لم يبلغ سن الحادية عشرة، ولما بلغ سن السادسة عشر حفظ كتب ابن المبارك (^١) ووكيع (^٢).
ثم ركب للرحلة في طلب الحديث، وكانت البداية حين رحل إلى مكة مع أمه وأخيه أحمد، ثم رجعت أمه وأخوه، وآثر هو البقاء لطلب الحديث.
مكث البخاري في الحجاز ستة أعوام يطلب الحديث، عند علمائها متنقلًا بين مكة والمدينة، وقد تمكن في هذه الفترة من تصنيف قضايا الصحابة والتابعين وأقاويلهم، كما صنف كتاب التاريخ في الليالي المقمرة عند قبر النبي ﷺ (^٣).
ثم توالت رحلاته إلى سائر مشايخ الحديث في مختلف الأقطار الإسلامية، وقل قطر إلا وله فيه موطئ قدم، وها هو ذا يحدث عن رحلاته فيقول: " دخلت إلى الشام ومصر والجزيرة مرتين، وإلى البصرة أربع مرات وأقمت بالحجاز ستة أعوام، ولا أحصي كم دخلت إلى الكوفة وبغداد مع المحدثين (^٤).
ويقول الخطيب البغدادي- في شأن رحلات البخاري-: "رحل البخاري إلى محدثي الأمصار،
_________
(^١) عبد الله بن المبارك بن واضح الحنظلي، التميمي، مولاهم، أبو عبد الرحمن المروزي، أحد الأئمة الأعلام وحفاظ الإسلام. تهذيب الكمال (١٦/ ٦) (٣٥٢٠).
(^٢) وكيع بن الجراح بن مليح الرؤاسي، أبو سفيان الكوفي، من قيس عيلان. تهذيب الكمال (٣٠/ ٤٦٣) (٦٦٩٥).
(^٣) تاريخ بغداد (٢/ ٣٢٢). وطبقات الشافعية الكبرى، تاج الدين عبد الوهاب بن تقي الدين السبكي (المتوفى: ٧٧١ هـ)، المحقق: د. محمود محمد الطناحي د. عبد الفتاح محمد الحلو، هجر للطباعة والنشر والتوزيع، الطبعة: الثانية، ١٤١٣ هـ (٢/ ٢١٤) (٥٠).
(^٤) سير أعلام النبلاء (١٢/ ٤٠٧)، وهدي الساري مقدمة فتح الباري (١/ ٤٧٨).
1 / 13
وكتب بخراسان ومدن العراق كلها، والحجاز، والشام ومصر، وورد بغداد دفعات (^١)
ومما يدعونا إلى الإعجاب بحياة الإمام البخاري تلك الرحلات الكثيرة والمتتابعة التي حرص عليها، وكتب حصيلة ذلك الجهد المبارك فأخرج لنا علمًا نافعًا منقى من كل دخيل أو معلومات ضعيفة.
_________
(^١) تاريخ بغداد (٢/ ٣٢٢).
1 / 14
المَبْحَثُ الرَّابِعُ: شُيُوْخُهُ:
لقد تلقى البخاري العلم عن عدد كبير من الشيوخ، فقد قال ورَاقه محمد بن أبي حاتم: "سمعته قبل موته بشهر يقول: كتبت عن ألف وثمانين رجلًا ليس فيهم إلا صاحب حديث " (^١).
وقد صنّف ابن عدي كتابًا في شيوخه الذين روى عنه في الصحيح (^٢).
وللحافظ محمد بن اسحاق بن منده، كتاب: " أسامي مشايخ الإمام البخاري" ذكر فيه (٣٠٨) شيخ (^٣).
ولقد حصر الذهبي والحافظ ابن حجر من حدث عنهم البخاري ﵀ في خمس طبقات.
الطبقة الأولى: من حدّثه عن التابعين: مثل محمد بن عبدالله الأنصاري، ومكي بن إبراهيم، وأبي عاصم النيل، وعبيد الله بن موسى، وأبي نعيم - الفضل ابن دكين_، وخلاد بن يحيى، وعصام بن خالد.
الطبقة الثانية: من كان في عصر هؤلاء لكن لم يسمع من ثقات التابعين، كآدم بن أبي إياس، وأبي مسهر عبد الأعلى بن مسهر، وسعيد بن أبي مريم، وأيوب بن سليمان بن بلال وأمثالهم.
الطبقة الثالثة: الوسطى من مشايخه، وهي: (وهم) من لم يلق التابعين بل أخذ عن كبار تبع التابعين؛ كسليمان بن حرب، وقتيبة بن سعيد، ونعيم بن حماد، وعلي بن المديني، ويحيى بن معين، وأحمد بن حنبل، وإسحاق بن راهويه، وأبي بكر وعثمان ابني أبي شيبة، وأمثال هؤلاء.
_________
(^١) سير أعلام النبلاء (١٢/ ٣٩٥).
(^٢) باسم: أسامي من روى عنهم محمد بن إسماعيل البخاري من مشايخه (في جامعه الصحيح)، أبو أحمد عبد الله بن عدي بن عبد الله بن محمد ابن مبارك بن القطان الجرجاني (المتوفى: ٣٦٥ هـ)
بتحقيق: د. عامر حسن صبري، دار البشائر الإسلامية - بيروت، الطبعة: الأولى، ١٤١٤.
(^٣) أسامي مشايخ الإمام البخاري، أبو عبد الله محمد بن إسحاق بن محمد بن يحيى بن مَنْدَه العبدي (المتوفى: ٣٩٥ هـ)، بتحقيق: نظر محمد الفاريابي، مكتبة الكوثر، الطبعة: الأولى ١٤١٢ هـ - ١٩٩١ م.
1 / 15
الطبقة الرابعة: رفقاؤه في الطلب، ومن سمع قبله قليلًا، كمحمد بن يحيى الذهلي، وأبي حاتم الرازي، ومحمد بن عبد الرحيم صاعقة، وعبد بن حميد، وأحمد بن النصر، وغيرهم، وإنما يخرج عن هؤلاء ما فاته عن مشايخه أو ما لم يجده عند غيرهم.
الطبقة الخامسة: قوم في عداد طلبته في السن والإسناد، سمع منهم للفائدة كعبد الله بن حماد الآملي، وعبد الله بن أبي العاص الخوارزمي، وحسين بن محمد القباني وغيرهم، وقد روى عنهم أشياء يسيرة (^١).
الطبقة الأولى، هي: عوالي أسانيده، والثانية والثالثة معظم أحاديثه، وشيوخه من الطبقة الثالثة هم الذين طالت ملازمته لهم وتخرج بهم في علوم الرواية والفقه ومعرفة السنة.
وأما الرابعة والخامسة فقد بينهما ابن حجر (^٢).
_________
(^١) سير أعلام النبلاء (١٢/ ٣٩٦). هدي الساري مقدمة فتح الباري (١/ ٤٧٩ - ٤٨٠) والمنقول هنا كلام ابن حجر.
(^٢) هدي الساري مقدمة فتح الباري (١/ ٤٨٠).
1 / 16