Explanation of Lāmiyya by Ibn Taymiyyah
شرح لامية ابن تيمية
ژانرونه
معاني السمع في اللغة
السمع هنا يراد على ظاهره، ويقصد شيخ الإسلام رحمه الله تعالى بهذا أنه ينبغي لك الإنصات والإصغاء لما سأقوله عن عقيدتي ومذهبي؛ ولأن فائدة السمع هو العمل بالمسموع، فمن سمع الحق ولم يعمل به فهو والذي لا يسمع سواء لا فرق بينهما، وكم من الناس يسمعون وكأنهم لا يسمعون كما سنبين ذلك.
رتب الله السماع الذي يؤدي إلى الامتثال والعمل على قضية سماع الحس وهو سماع الأذن وهذا الحكم في الجملة، ولهذا من لا يسمع سماعًا كليًا إطلاقًا يصعب عليه أن يفهم ويعمل، وكانت حاسة السمع من أعظم الوسائل في إيصال المعلومات للإنسان؛ ولأن يفقد الإنسان بصره خير له من أن يفقد سمعه، ولهذا كم نجد من علمائنا من فقدوا البصر، ولكنهم برزوا على الناس كلهم، ولكن لا نجد من العلماء من فقدوا السمع وتميزوا على سائر الناس.
وقد يطلق السمع ويراد به غير ظاهره، وإنما هو كناية عن الانتفاع بالمسموع، ولهذا ذكر الله ﷾ في كتابه: ﴿إِنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ عِنْدَ اللَّهِ الصُّمُّ الْبُكْمُ الَّذِينَ لا يَعْقِلُونَ﴾ [الأنفال:٢٢] وهذا تشبيه للكفار، فإن الكفار صم بكم، أنهم يسمعون ويبصرون ويتكلمون، ولِمَ وصفوا بهذا الوصف؟ الجواب: هذا كناية عن عدم انتفاعهم بما جاءهم من الآيات والنذر، وأنهم كمن لم يسمع شيئًا.
ولذلك فإن هذه الآية ظاهرها أن الدابة الصماء البكماء تعتبر أخس الدواب كلها، ولهذا شبهوا بالصم في عدم الانتفاع بما سمعوا به؛ لأنه مما ينبغي على المسلم إذا سمع شيئًا وعرف مدلوله أن ينقاد إليه ويعمله، وشبهوا بالبكم بناءً على انقطاع الحجة في المناقشة وفي العجز عن رد الحق الذي وصل إليهم، وهو مما جاءهم من كتاب الله وسنة رسوله ﷺ، ولهذا قال رب العزة ﷾: ﴿وَلَوْ عَلِمَ اللَّهُ فِيهِمْ خَيْرًا لَأسْمَعَهُمْ وَلَوْ أَسْمَعَهُمْ لَتَوَلَّوْا وَهُمْ مُعْرِضُونَ﴾ [الأنفال:٢٣] مع أن عندهم آذانًا يسمعون ما يقوله الرسول ﷺ، ولكن قصد هنا: ﴿وَلَوْ عَلِمَ اللَّهُ فِيهِمْ خَيْرًا لَأسْمَعَهُمْ﴾ [الأنفال:٢٣] أي: أن قلوبهم لا تستفيد من الآيات ولا مما جاءهم عن الله ورسوله ﷺ، ولهذا يقول الله: ﴿وَمَا تُغْنِي الْآياتُ وَالنُّذُرُ عَنْ قَوْمٍ لا يُؤْمِنُونَ﴾ [يونس:١٠١] .
جاء المؤلف ﵀ لما قال: (اسمع) بصيغة الأمر لأن ذلك من أساليب التشويق لما يراد أن يقال بعد هذه الكلمة، فقد سأله عن عقيدته ومذهبه ودعا له بأن يرزق الهداية.
قال له: (اسمع) من باب تنبيه الإنسان، مثلما أقول: أيها الإخوة! اسمعوا ما سأقول لكم، ومعلوم أنني ما جلست إلا لتسمعوا أصلًا، فلماذا جئت بـ (اسمع)؟ من باب جذب قلب السامع، ومن باب تهيئته لما سيلقى إليه، وهذا أسلوب من الأساليب التي تستعمل في لغة العرب.
6 / 3