Explanation of Lāmiyya by Ibn Taymiyyah
شرح لامية ابن تيمية
ژانرونه
أنها واضحة ومبينة لجميع الناس
العقيدة الإسلامية عقيدة واضحة، وتميز وضوح هذه العقيدة أن النبي ﷺ قال: (تركتكم على المحجة البيضاء ليلها كنهارها لا يزيغ عنها إلا هالك) ولذلك لا نجد في مسائل الاعتقاد شيئًا من الغموض، ولئن وجد عند بعض الناس شيئًا من الغموض، فلعل السبب في ذلك جهل هذا الإنسان بمعتقده وعدم معرفته له، وإلا فإن مسائل العقيدة لا غموض فيها أبدًا، كيف يكون فيها نوع من الغموض وهي معتمدة على كتاب الله وسنة رسوله ﷺ؟! ونحن في مسائل الاعتقاد لا نكتم على أحد، ولا يقال لأحد: إنك لم تبلغ الرتبة، فلا يمكن أن تصل إليك هذه المسائل الاعتقادية.
لقد كان النبي ﷺ يعرض هذه العقيدة على أبي بكر وعمر كما يعرضها على الأعرابي الذي يتبع الإبل يرعاها وغيره، وهو قد يكون من أقل الناس معرفة ودراية، لم يكتم النبي ﷺ عقيدته على أحد، بل لم يكن النبي ﷺ يقول لمن ليس له علم: إنك لم تبلغ الرتبة، انتظر فترة من الزمن حتى تترقى وتصل إلى مرتبة تعرف فيها مسائل الاعتقاد، يأتي النبي ﷺ الرجل الجاهل، ومع ذلك يأمره بأصول الاعتقاد والإيمان، ويأتيه سيد القوم وربما العالم، وربما أعلى الناس رتبة، ويعرض عليه أصول الاعتقاد كما يعرضها على هذا وهذا سواء، يأمرهم بتأصيل هذه المسائل الاعتقادية.
والعجب أننا نجد في الديانة النصرانية مسائل غامضة، وكم نجد من الناس الذين دخلوا في دين الله تعالى من النصارى وكان سبب إسلامهم: أنهم لا يجدون من الوضوح ولله الحمد كما في مسألة التوحيد والعقيدة عندنا، ويجدون إشكالات وغموضًا في مسائل الاعتقاد عندهم، ولو سألوا أساقفتهم عُتِّب عليهم، ولم يقبل منهم أن يسألوا نظرًا لأنها مراتب عندهم.
ويشابه النصارى غلاة الصوفية الذين يقولون: إن من سأل منع أو سحبت منه بركة العلم، ولم يستفد من الشيخ، ويقال: إنك لم تصل إلى رتبة، فانتظر حتى يرقيك الشيخ إلى هذا المستوى، وهذا ليس في عقيدة أهل السنة والجماعة، وليس في عقيدة سلف الأمة، بل تعرض العقيدة ناصعة واضحة كالشمس في رابعة النهار لكل من أراد أن يستفيد منها، فهي ولله الحمد واضحة وبينة بيانًا كاملًا، ولقد مكث النبي ﷺ يرسي معالم العقيدة، ويؤصلها في نفوس الصحابة ﵃، ولم يكن ولله الحمد فيها شيء من الغموض.
5 / 13