Explanation of Jurisprudential Principles
شرح القواعد الفقهية
خپرندوی
دار القلم
د ایډیشن شمېره
الثانية
د چاپ کال
١٤٠٩ هـ - ١٩٨٩ م
د خپرونکي ځای
دمشق - سوريا
ژانرونه
هَذَا وَلم أر من أفْصح عَن ضَابِط كلي يُمَيّز الضَّرَر الْفَاحِش من غير الْفَاحِش، وتطبق عَلَيْهِ الْفُرُوع الْمَذْكُورَة وأمثالها، وَإِنَّمَا بيّنت الْمجلة الضَّرَر الْفَاحِش فِي الْمَادَّة / ١١٩٩ / بِأَنَّهُ كل مَا يمْنَع الْحَوَائِج الْأَصْلِيَّة الْمَقْصُودَة من الْبناء كالسكنى، أَو يضر بِالْبِنَاءِ ويوهنه، لَكِن هَذَا كَمَا ترى غير مُفِيد فِي تَمْيِيز الْفَاحِش من غَيره الْفَائِدَة الْمَطْلُوبَة، لِأَن الْحَوَائِج الْأَصْلِيَّة كلمة مجملة تتنازع فِيهَا الأفهام وتتخالف فِي تحديدها، على أَن مَوْضُوع مَادَّة الْمجلة الْمَذْكُورَة فِي الضَّرَر الَّذِي يُرِيد الْإِنْسَان إحداثه مجددًا بِإِزَاءِ جَاره، لَا فِي تَقْسِيم الضَّرَر الْقَدِيم الَّذِي نتكلم الْآن فِيهِ، وَفرق بَينهمَا.
فَالَّذِي يظْهر من إجالة النّظر فِي الْفُرُوع الْمُتَقَدّمَة وتعاليلها وَالْوُجُوه الَّتِي بهَا اخْتلفت أَحْكَامهَا أَن يُقَال: الضَّابِط لذَلِك هُوَ: " أَن كل مَا يُمكن أَن يسْتَحق على الْغَيْر بِوَجْه من الْوُجُوه الشَّرْعِيَّة فَهُوَ لَيْسَ بِضَرَر فَاحش، فَتجب حِينَئِذٍ مُرَاعَاة قدمه إِذا كَانَ قَدِيما، وَمَا لَا يُمكن أَن يسْتَحق على الْغَيْر بِوَجْه شَرْعِي فَهُوَ ضَرَر فَاحش، وَيرْفَع مهما كَانَ قَدِيما ".
فَمثل توهين بِنَاء الْغَيْر، وتنجيس مَاء بئره، وَالنَّظَر إِلَى مقرّ نِسَائِهِ لَا يُمكن أَن يسْتَحقّهُ الْإِنْسَان على الْغَيْر بِوَجْه من الْوُجُوه.
وَمثل حق الْمُرُور أَو التسييل فِي أَرض الْغَيْر، وَحقّ وضع الْجذع على جِدَار الْغَيْر، وَمد الْجنَاح أَو الغرفة البارزين الواطئين فِي ملك الْغَيْر وَالطَّرِيق الْخَاص هُوَ مِمَّا يُمكن أَن يسْتَحقّهُ الْإِنْسَان على الْغَيْر بِوَجْه شَرْعِي، كَمَا لَو كَانَت الداران مشتركتين على الشُّيُوع بَين رجلَيْنِ فاقتسماها واختص كل وَاحِد بِوَاحِدَة على شَرط بَقَاء الْحُقُوق الْمَذْكُورَة، أَو أَن من كَانَتَا فِي ملكه بَاعَ إِحْدَاهمَا وَشرط حِين البيع إبْقَاء الْحُقُوق لَهُ فِي الدَّار الْمَبِيعَة، فَإِن تِلْكَ الْقِسْمَة وَذَلِكَ البيع وَالشّرط صَحِيحَانِ (ر: الْمَادَّة / ١١٦٦ / من الْمجلة، ورد الْمُحْتَار، كتاب الْبيُوع، بَاب الْحُقُوق - نقلا عَن النَّوَازِل) .
وَيُؤَيّد هَذَا الضَّابِط مَا قدمْنَاهُ، فِي الْقَاعِدَة السَّابِقَة عَن الْفَتَاوَى الْخَيْرِيَّة، من أَن عِلّة وجوب إبْقَاء الْقَدِيم على قدمه هِيَ غَلَبَة الظَّن بِأَنَّهُ مَا وضع إِلَّا بِوَجْه
1 / 103