101

Explanation of al-Tahawi's Creed by Saleh Al-Sheikh

شرح العقيدة الطحاوية - صالح آل الشيخ = إتحاف السائل بما في الطحاوية من مسائل

ژانرونه

[المسألة الثانية]:
أنَّ من ألفاظ المحبة التي هي من مراتبها لفظ (العشق) .
وهذا اللفظ استعمله طائفة من أرباب السلوك فيما بين العبد وبين ربه، فقالوا:
إنّ الله يُعشَقُ ويَعْشَقْ، وقالوا: إنني -يعني المتكلم الذي تَكَلَّمَ- أعشق الله ﷿.
ولفظ العِشْقْ هو من مراتب المحبة -كما هو معلوم-؛ ولكنه يُمْنَعْ في إطلاقه من العبد على ربه ومن الرب للعبد، وذلك لأمور:
١ - الأول: أنّ لفظ العشق لم يرد في النصوص لا في الكتاب ولا في السنة، لا من جهة العبد لربه ولا من جهة الرب لعبده، فيمتَنِعُ إطلاق هذا اللفظ واستعماله في المحبة لأجل الاتّباع.
٢ - الثاني: -وهو تعليل لفظي أيضا- أنَّ لفظ العشق إنما تستعمله العرب فيما إذا كان لصاحبه شهوة في المعشوق، ومعلوم أنّ الشهوة إنما تكون لمن يَنكِح أو يُنكَح يعني للرجل أو المرأة.
فإذًا استعمال اللفظ في حق الله ﷿ ممتنع لفظًا؛ لأنه لا يستعمل هذا اللفظ إلا في ذلك المعنى.
٣ - الثالث: في رد لفظ العشق واستعماله- من جهة المعنى، وهو أَنَّ العشق فيه من جهة العبد، أو في إطلاقه على من وُصِفَ به فيه تعلُّق بالإرادة وبالإدراك.
فلا عشق يحصل إلا وهو مُؤَثِرٌ في الإرادة بإضعافها ومؤثر في الإدراك بحصول خلل فيه.
ولهذا أجمع أهل اللغة في أنَّ معاني العشق لابد أن يكون في آثارها ما هو نوع اعتداء:
إما على النفس، وإما على الغير.
- اعتداء على النفس بإضعاف الإدراك أو بإضعاف الإرادة.
- واعتداء على الغير بأنه لو أشعره بذلك فتعاشقا لصار عنده ضعف في الإدراك وضعف في الإرادة.
والله ﷿ لا يجوز أنْ يُقال في محبته إنها تُنْتِجُ ضعفًا في الإرادة أو ضعفًا في الإدراك؛ بل محبة الله ﷿ تبلغ بالعبد -يعني محبة العبد لربه- تبلغ بالعبد كمال الإرادة المطلوبة المحمودة وكمال الإدراك المطلوب المحمود؛ يعني في الإيمان، ولهذا امْتَنَعْ أنْ يوصف الله ﷿ بأنه يعشق عبدَه أو أن العبد يعشق ربَّه.

1 / 101