الثانية: ذكر ابن رجب ﵀ في أثناء ترجمته للحافظ عبد الغني كلامًا حول حال أهل الأهواء، وأنهم لا يقيمون معتقدهم على الكتاب والسنة، وفي أثناء هذا الحديث قال: " ولقد عُقد مرة مجلس لشيخ الإسلام أبي العباس ابن تيمية، فتكلم فيه بعض أكابر المخالفين، وكان خطيب الجامع، فقال الشيخ شرف الدين عبد الله أخو الشيخ: " كلامنا مع أهل السنة، وأما أنت: فأنا أكتب لك أحاديث من الصحيحين، وأحاديث من الموضوعات - وأظنه قال: وكلامًا من سيرة عنتر - فلا تميز بينهما، - أو كما قال - فسكت الرجل " ١.
فلا يميز الواحد منهم بين الحديث الصحيح، والحديث الموضوع، والقصة التي هي من قصص عنترة بن شداد. فأهل الأهواء بعيدون كلَّ البعد عن الأدلة، وعن النصوص، وعن كلام الله وكلام رسوله ﷺ، حتى قال شيخ الإسلام ابن تيمية ﵀ في وصفهم: " نجد في أئمة علماء هؤلاء من لا يميز بين القرآن وغيره، بل ربما ذكرت عنده آية فقال: لا نسلم صحة الحديث، وربما قال: لقوله ﵇ كذا. وتكون آية من كتاب الله. وقد بلغنا من ذلك عجائب، وما لم يبلغنا أكثر " ٢.
فأين هؤلاء من أئمة السلف ودعاة السنة ﵏، الذين يذكرون المعتقد في كلِّ جانب من جوانبه مقرونًا بدليله: قال الله، وقال رسوله ﷺ. إن أهل السنة ﵏ اعتنوا بهذه العقيدة عناية فائقة: بتقريرها وبيانها وبسط أدلتها، والرد على المخالف لهم فيها، وبذلوا في ذلك جهودًا كبيرة.