وهذا أحد الأوجه التي ذكرها أهل العلم في الرد على من يتأول النزول أو ينفي حقيقته عن الله ﵎.
" حين يبقى ثلث الليل الآخر " أي: في الثلث الأخير من الليل، هذا هو وقت النزول الإلهي، وقد جاء في بعض ألفاظ الحديث الأخرى ذكرُ أوقات أخرى للنزول، مثل: "حين يمضي ثلث الليل الأول "، أو: " حين يمضي نصف الليل ". فإن كانت تلك الروايات ثابتة فهي محمولة - كما يقول شيخ الإسلام ابن تيمية - على تعدد النزول، وإلا فالأصح هو ما في هذه الرواية: " حين يبقى ثلث الليل الآخر " ١.
" يقول " أي الذي ينزل، وهو الله ﷾.
" من يدعوني فأستجيب له، من يسألني فأعطيه، من يستغفرني فأغفر له " إذا كان الذي ينزل - على زعم هؤلاء - هو الملَك، أيصح أن يقول"ـ مخاطبًا الناس ـ: من يدعوني، من يسألني، من يستغفرني؟!
فهذا من الوجوه التي تبين فساد تأويل هؤلاء وتعطيلهم لهذه الصفة، فالملَك لا يقول ذلك؛ لأنه يجعل بذلك ندًا مع الله ﷿، يُدعى ويُسأل، ويُستغاث به ويُطلب منه.
ولو كان الذي ينزل الملَك لكانت الصيغة مختلفة، كأن يقول: " ينزل ملَك ربنا إلى سماء الدنيا كل ليلة حين يبقى ثلث الليل الآخر، فيقول: إن ربكم يقول: من يسألني ومن يدعوني ومن يستغفرني " كما في الحديث الآخر:"إذا أحب الله العبد نادى جبريل: إنَّ الله يحب فلانًا فأحببه، فيحبه
١ انظر: شرح حديث النزول " ص ١٠٧ - ١٠٨ "