الوقوع فيها، وهي: التكييف والتمثيل والتأويل والتعطيل.
" ولا تنزيه ينفي حقيقة النزول " التنزيه في صفات الله ﵎ مطلوب، فواجب على المسلم أن ينزه الله ﵎ عمَّا لا يليق به، فينَزَّه سبحانه عن النقائص والعيوب، وعن أن يقال في شيء من صفاته إنها تشبه صفات المخلوقين.
أما تنزيه المبتدعة فهو باطل؛ لأنه تعطيل للصفات وعدم إثبات لها، ولهذا كان من تسبيحات بعضهم قوله: سبحان المنزه عن الصفات. فهم ينزهون الله تعالى عما يليق به؛ فينزهونه عن النزول، وهو صفة ثابتة لله تليق به، أضافها إليه رسوله ﷺ الذي لا ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى. وهكذا القول في الاستواء واليد وجميع الصفات، فلا يجوز أن ننزهه تنزيهًا يفضي إلى نفي اليد، ولا يجوز أن ننزهه تنزيهًا يترتب عليه نفي الاستواء.
ولهذا فإن التسبيح الذي ينفي عن الله ﷿ صفاته ليس هو في الحقيقة تسبيحًا، وإنما هو تعطيل للصفات، قال ابن هشام ﵀:"ألا ترى أن تسبيح المعتزلة اقتضى تعطيل كثير من الصفات"١. وقال ابن رجب - في تفسير قوله تعالى: ﴿فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ﴾ ٢ ـ:"سبِّحه بما حمد به نفسه، إذ ليس كلُّ تسبيح بمحمود، كما أنَّ تسبيح المعتزلة يقتضي تعطيل كثير من الصفات"٣ هذا هو التنزيه الذي يذمه المصنف، والسلف عمومًا.
فهذه الكلمة " ولا تنزيه ينفي حقيقة النزول "كلمة دقيقة ومتينة جدًا، وخصوم المصنف ﵀ في زمانه لما شنَّعوا عليه عند ولاة الأمر، شنعوا
١ مغني اللبيب " ١/١٤٠ " مع أنه وقع في بعض ذلك غفر الله له.
٢ الآية ٣ من سورة النصر.
٣ تفسير سورة النصر " ص٧٣ "