Explanation of Al-Aqidah Al-Wasitiyah by Sheikh Al-Islam Ibn Taymiyyah
شرح العقيدة الواسطية من كلام شيخ الإسلام ابن تيمية
خپرندوی
دار ابن الجوزي،الدمام
د ایډیشن شمېره
الأولى
د چاپ کال
١٤٢١هـ
د خپرونکي ځای
المملكة العربية السعودية
ژانرونه
اربعوا على أنفسكم، فإنكم لا تدعون أصم ولا غائبًا، إنما تدعون سميعًا قريبًا، إن الذي تدعون أقرب إلى أحدكم من عنق راحلته" ١، فقال: إن الذي تدعونه أقرب إلى أحدكم، لم يقل إنه قريب إلى كل موجود، وكذلك قول صالح ﵇: ﴿فَاسْتَغْفِرُوهُ ثُمَّ تُوبُواْ إِلَيْهِ إِنَّ رَبِّي قَرِيبٌ مُّجِيبٌ﴾ [هود: ٦١] هو كقول شعيب: ﴿وَاسْتَغْفِرُواْ رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُواْ إِلَيْهِ إِنَّ رَبِّي رَحِيمٌ وَدُودٌ﴾ [هود: ٩٠]، ومعلوم أن قوله: ﴿قَرِيبٌ مُّجِيبٌ﴾ [هود: ٦١] مقرون بالتوبة، والاستغفار، أراد به: قريب مجيب لاستغفار المستغفرين التائبين إليه، كما أنه رحيم ودود بهم، وقد قرن القريب بالمجيب، ومعلوم أنه لا يقال إنه مجيب لكل موجود، وإنما الإجابة لمن سأله ودعاه، فكذلك قربه – سبحانه، وتعالى –"٢.
وأما"قوله – تعالى – ﴿وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ﴾ [ق: ١٦]، وقوله – تعالى-: ﴿وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنكُمْ وَلَكِن لاَّ تُبْصِرُونَ﴾ [الواقعة: ٨٥]، فإن "سياق الآيتين يدل على أن المراد الملائكة. فإنه قال: ﴿وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ إِذْ يَتَلَقَّى الْمُتَلَقِّيَانِ عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمَالِ قَعِيدٌ مَا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلاَّ لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ﴾ [ق: ١٦ – ١٨] فقيد القرب بهذا الزمان، وهو زمان تلقي المتلقيين: قعيد عن اليمين، وقعيد عن الشمال، وهما الملكان الحافظان اللذان يكتبان كما قال: ﴿مَا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلاَّ لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيد﴾ [ق: ١٨] . ومعلوم أنه لو كان المراد قرب ذات الرب لم يختص ذلك بهذه الحال ولم يكن لذكر القعيدين الرقيب والعتيد معنى مناسب.
وكذلك قوله في الآية الأخرى: ﴿وَتَجْعَلُونَ رِزْقَكُمْ أَنَّكُمْ تُكَذِّبُونَ فَلَوْلا إِذَا بَلَغَتِ الْحُلْقُومَ وَأَنتُمْ حِينَئِذٍ تَنظُرُونَ وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنكُمْ وَلَكِن لاَّ تُبْصِرُونَ﴾ [الواقعة: ٨٢-٨٥] فلو أراد قرب ذاته لم يخص ذلك بهذه الحال، ولا قال: ﴿وَلَكِن لاَّ تُبْصِرُونَ﴾ [الواقعة: ٨٥]، فإن هذا إنما يقال إذا
١ تقدم تخريجه (ص: ٩٤) . ٢ مجموع الفتاوى (٥/٤٩٣) .
1 / 108