84

شرح العقيدة الواسطية للهراس

شرح العقيدة الواسطية للهراس

خپرندوی

دار الهجرة للنشر والتوزيع

د ایډیشن شمېره

الثالثة

د چاپ کال

١٤١٥ هـ

د خپرونکي ځای

الخبر

ژانرونه

وَأَمَّا قَوْلُهُ فِي الْآيَةِ الثَّانِيَةِ: ﴿وَأَقْسِطُوا﴾؛ فَهُوَ أمرٌ بِالْإِقْسَاطِ، وَهُوَ الْعَدْلُ فِي الْحُكْمِ بَيْنَ الطَّائِفَتَيْنِ الْمُتَنَازِعَتَيْنِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ، وَهُوَ مِنْ قَسَطَ؛ إِذَا جَارَ، فَالْهَمْزَةُ فِيهِ لِلسَّلْبِ، وَمِنْ أَسْمَائِهِ تَعَالَى: المُقْسِط. وَفِي الْآيَةِ الْحَثُّ عَلَى الْعَدْلِ وَفَضْلُهُ، وَأَنَّهُ سَبَبٌ لِمَحَبَّةِ اللَّهِ ﷿. وَأَمَّا قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿فَمَا اسْتَقَامُواْ لَكُمْ فَاسْتَقِيمُواْ لَهُمْ﴾؛ فَمَعْنَاهُ: إِذَا كَانَ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ أحدٍ عهدٌ كَهَؤُلَاءِ الَّذِينَ عَاهَدْتُمُوهُمْ عِنْدَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ؛ فَاسْتَقِيمُوا لَهُمْ عَلَى عَهْدِهِمْ مُدَّةَ اسْتِقَامَتِهِمْ لَكُمْ، فَـ (مَا) هُنَا مَصْدَرِيَّةٌ ظَرْفِيَّةٌ. ثُمَّ علَّل ذَلِكَ الْأَمْرَ بِقَوْلِهِ: ﴿إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ﴾؛ أَيْ: يحبُّ الَّذِينَ يتَّقون اللَّهَ فِي كُلِّ شَيْءٍ، وَمِنْهُ عَدَمُ نَقْضِ الْعُهُودِ. وَأَمَّا قَوْلُهُ: ﴿إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ ...﴾ إِلَخْ؛ فَهُوَ إِخْبَارٌ مِنَ اللَّهِ ﷾ عَنْ مَحَبَّتِهِ لِهَذَيْنِ الصِّنْفَيْنِ مِنْ عِبَادِهِ. أَمَّا الْأَوَّلُ: فَهُمُ التَّوَّابون؛ أَيْ: الَّذِينَ يُكْثِرُونَ التَّوْبَةَ وَالرُّجُوعَ إِلَى اللَّهِ ﷿ بِالِاسْتِغْفَارِ مِمَّا أَلَمُّوا بِهِ عَلَى مَا تَقْتَضِيهِ صِيغَةُ الْمُبَالَغَةِ، فَهُمْ بِكَثْرَةِ التَّوْبَةِ قَدْ تطهَّروا مِنَ الْأَقْذَارِ وَالنَّجَاسَاتِ الْمَعْنَوِيَّةِ الَّتِي هِيَ الذُّنُوبُ وَالْمَعَاصِي. وَأَمَّا الثَّانِي: فَهُمُ الْمُتَطَهِّرُونَ؛ الَّذِينَ يُبَالِغُونَ فِي التَّطَهُّرِ، وَهُوَ التَّنْظِيفُ بِالْوُضُوءِ أَوْ بِالْغُسْلِ مِنَ الْأَحْدَاثِ وَالنَّجَاسَاتِ الْحِسِّيَّةِ. وَقِيلَ: الْمُرَادُ بِالْمُتَطَهِّرِينَ هُنَا الَّذِينَ يَتَنَزَّهُونَ مِنْ إِتْيَانِ النِّسَاءِ فِي زَمَنِ الْحَيْضِ أَوْ فِي أَدْبَارِهِنَّ، وَالْحَمْلُ عَلَى الْعُمُومِ أَوْلَى.

1 / 104