يتأوَّل النصَّ ويردُّه إلى الرأي والآراء المختلفة، فيَؤول أمرُه إلى الحيرة والضلال والشك.
قال أبو عبد الله محمد بن عمر الرازي في كتابه الذي صنّفه «أقسام اللذات»: «لقد تأمّلت الطرق الكلامية والمناهج الفلسفية؛ فما رأيتها تشفي عليلًا، ولا تروي غليلًا، ورأيتُ أقرب الطرق طريقة القرآن، أقرأ في الإثبات: ﴿الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى﴾ (١)، ﴿إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ﴾ (٢)، وأقرأ في النفي: ﴿لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ﴾ (٣)، ﴿وَلا يُحِيطُونَ بِهِ عِلْمًا﴾ (٤») .
ثم قال: «ومن جرَّب مثل تجربتي؛ عرف مثل معرفتي» .
وقال أبو المعالي الجويني: «يا أصحابنا! لا تشتغلوا بالكلام، فلو عرفت أنّ الكلام يبلغ بي إلى ما بلغ؛ ما اشتغلت به» .
وقال عند موته: «لقد خضتُ البحر الخضم، وخليت أهل الإسلام وعلومهم، ودخلت في الذي نهوني عنه، والآن؛ فإن لم يتداركني ربي برحمته؛ فالويل لابن الجويني، وها أنذا أموتُ على عقيدة أمي (أو قال: على عقيدة عجائز نيسابور») .
ومن يصل إلى مثل هذه الحالة، إن لم يتداركه الله برحمته، وإلا؛
(١) طه: (٥) .
(٢) فاطر: (١٠) .
(٣) الشورى: (١١) .
(٤) طه: (١١٠) .