Explanation of Al-Aqeedah At-Tahawiyyah - Ibn Jibrin
شرح العقيدة الطحاوية - ابن جبرين
ژانرونه
وضوح السمع وبيانه
فمن طريق السمع: سماعنا آيات الله التي هي القرآن والكتب التي أنزلها على رسله، وهي في غاية الإيضاح والبيان، وهذا هو الذي دعاه إلى أن يستشهد بالآيات التي فيها ذكر البيان، فإن قوله تعالى: ﴿هَذَا بَيَانٌ لِلنَّاسِ﴾ [آل عمران:١٣٨]، لا شك أنه يبين المهم الذي يحتاجون إليه، وأهم ما يحتاجون إليه معرفة الله بآياته وبمخلوقاته، ومعرفة حقه: وهو عبادته وحده وترك عبادة ما سواه، وطاعته كما بين على ألسنة رسله.
وكذلك وصف القرآن في قوله: ﴿الر تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ الْمُبِينِ﴾ [يوسف:١] يعني المبين الذي بين الله فيه، فهو مبين من أوجه: أولًا: أنه بين واضح.
وثانيًا: أنه مبيِّن مشتمل على بيان، وأي بيان أوضح من بيان كلام الله تعالى! وثالثًا: أن الله تعالى أمر رسوله بأن يوضحه، فالرسول ﷺ بين معانيه بقوله وبفعله، امتثالًا لهذه الآيات التي سمعنا، وهي قول الله تعالى: ﴿وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ﴾ [النحل:٤٤]، وقد كان الصحابة ﵃ يتعلمون المعاني مع الألفاظ، يقول عبد بن حبيب السلمي: حدثنا الذين كانوا يقرئوننا القرآن: أنهم كانوا إذا تعلموا عشر آيات لم يتجاوزوها حتى يتعلموا ما فيها، يقول: فتعلمنا القرآن والعلم والعمل جميعًا.
ولا شك أن هذا لإقامة الحجة، فما دام أن هذا القرآن قد بين للناس ما يحتاجون إليه، وبالأخص في أمر العقيدة والتوحيد، فإن الخلق واجب عليهم أن يقبلوا ذلك البيان وينتفعوا به ويعملوا به.
وما ظهر لهم فإنهم يقبلوه، وما خفي عنهم من الأمور الغيبية فإنهم يسلمون له، ويتوقفون عن البحث في حقيقته، وهذا معنى قوله: (لا ندخل في ذلك متأولين بآرائنا ولا متوهمين بأهوائنا)، بل نتسلم ذلك على ما هو عليه.
أولًا: أنه واضح من حيث إنه مفهوم؛ لأنه بلسان عربي مبين.
ثانيًا: أن ما فيه من الخفي قد بينه الرسول ﵊ وتلقى ذلك عنه صحابته، وبينوا ذلك وشرحوه لتلامذتهم، ونقلت شروحهم وتفاسيرهم في كتب التفسير موضحة ظاهرة يجدها من طلبها، فما بقي لأحد حجة.
فالحاصل أن التوحيد قد بين أتم بيان.
﴿قُلْ أَرَأَيْتُمْ شُرَكَاءَكُمُ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَرُونِي مَاذَا خَلَقُوا مِنَ الأَرْضِ أَمْ لَهُمْ شِرْكٌ فِي السَّمَوَاتِ أَمْ آتَيْنَاهُمْ كِتَابًا فَهُمْ عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْهُ بَلْ إِنْ يَعِدُ الظَّالِمُونَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا إِلَّا غُرُورًا﴾ [فاطر:٤٠] .
5 / 12