150

Excellence of the Lord of Creation in Explaining the Brilliant Pearls

فضل رب البرية في شرح الدرر البهية

ژانرونه

وأما الصلاة على الغائب فلم يحفظ عنه ﵊ أنه صلى على غائب إلا على النجاشي (١)، والسبب أن للنجاشي صفة خاصة، وهي أنه لم يصلِّ عليه أحد، فصلى عليه رسول الله ﷺ صلاة الغائب. أما التوسُّعُ الذي نراه اليوم في صلاة الغائب، فكل من أراد أن يصلّيِ على آخر صلى صلاة الغائب، فهذا توسع غير مَرْضِيٍّ، فالنبي ﷺ لم يصلِّ على أحد صلاة الغائب إلا على النجاشي، وإلا فقد مات كثير من المسلمين بعيدًا عنه ﷺ ولم يصلِّ عليهم لا حاضرًا ولا غائبًا، وإنما صلى على النجاشي لأنه هو الوحيد الذي لم يُصلَّ عليه، فصلى عليه النبي ﷺ صلاة الغائب. فصلاة الغائب تُشرَعُ، ولكن لمن لم يصلَّ عليه، وليس مطلقًا. قال المؤلف ﵀: (فصل: ويكون المشي بالجِنازةِ سريعًا) هذا لما تقدم معنا من قوله ﷺ: «أسرعوا بالجنازة فإن كانت صالحة فخير تقدمونها إليه وإن يَكُ سِوى ذلك فشرٌّ تضعونه عن رقابكم» (٢). فإذا حُملت الجنازة على الرقاب فمن السنة الإسراع بها. قال النووي ﵀: «واتفق العلماء على استحباب الإسراع بالجنازة إلا أن يخاف من الإسراع انفجار الميت أو تغيره ونحوه فيتأنى» (٣). أي إذا خشينا من مفسدة تعود على الميت فلا يُسرع بها وإلا فالسنة أن يُسرع بها. قال ابن القيم ﵀: «وأما دبيب الناس اليوم خطوةً خطوة - يعني مشيهم في الجنازة خطوة خطوة كما نرى اليوم - فبدعة مكروهة مخالفة للسنة ومتضمنة للتشبه بأهل الكتاب اليهود» (٤). فهذا العمل وهو المشي بالجنازة خطوة خطوة، ليس من عمل المسلمين، بل السنة أن يسرع بها كما أمر ﷺ.

(١) أخرجه البخاري (١٢٤٥)، ومسلم (٩٥١). (٢) أخرجه البخاري (١٣١٥)، ومسلم (٩٤٤) عن أبي هريرة ﵁. (٣) «المجموع» (٥/ ٢٧١). (٤) «زاد المعاد» (١/ ٤٩٨).

1 / 150