(فصلٌ)
وقد آل الأمر ببعض الحمقى إلى الاستهزاء بالذي يعفون لحاهم حتى أنهم من سوء جراءتهم وشدة بغضهم وعداوتهم لهدي رسول الله ﷺ في شعر الوجه ليسمون اللحى الموفرة مكانس البلدية - أي الجماعة القائمين بتنظيف البلدان وكنس قمامتها - وهذا الصنيع من الحمقى أعظم من تمثيلهم باللحى بكثير لاشتماله على أنواع من المحرمات ومن أعظمها وأشدها خطرًا سبعة أشياء: أحدها أذية خيار المسلمين بالسخرية مهم والازدراء بهم وذلك إثم وفسق قال الله تعالى ﴿وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا﴾ [الأحزاب: ٥٨].
وقال الله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِنْ قَوْمٍ عَسَى أَنْ يَكُونُوا خَيْرًا مِنْهُمْ وَلا نِسَاءٌ مِنْ نِسَاءٍ عَسَى أَنْ يَكُنَّ خَيْرًا مِنْهُنَّ وَلا تَلْمِزُوا أَنْفُسَكُمْ وَلا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ بِئْسَ الِاسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْأِيمَانِ وَمَنْ لَمْ يَتُبْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ﴾ [الحجرات: ١١].
قال القرطبي في تفسير هذه الآية من لقب أخاه وسخر به فهو فاسق. وذكر البغوي نحو ذلك في تفسيره. الثاني مشابهة قوم لوط في عيب البرءآء بغير عيب. قال الله تعالى مخبرًا عن قوم لوط: ﴿وَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ إِلَّا أَنْ قَالُوا أَخْرِجُوهُمْ مِنْ قَرْيَتِكُمْ إِنَّهُمْ أُنَاسٌ يَتَطَهَّرُونَ﴾ [الأعراف: ٨٢].