سنة ٤٥٧م إلى فارس، وأنشأت فيها مدرسة نصيبين، (١) وانتشرت من هذه المدرسة حملات التنصير على الطريقة النسطورية إلى جوف آسيا وبلاد العرب. وقد استعانت هذه الحملات التنصيرية بالفلسفة اليونانية [الإغريقية] لنشر التعاليم الخاصة حول طبيعة المسيح عيسى ابن مريم ﵉ (٢) . ثم توالت الاستعانات بالثقافات الأخرى كالفارسية والهندية وغيرها مما أعطى هذه الديانة بعدا وثنيا، خرج بها عن أصولها التي جاء بها عيسى ابن مريم ﵉ حتى قيل: إن أركان " المسيحية الجديدة وعقائدها وصلواتها وشعائرها تأثرت أو تحدرت من الديانة الوثنية التي كانت سائدة قبل ظهور المسيح ﵇، أو في أيامه. وقد نقلها المؤمنون الجدد من ديانتهم الوثنية، فأقرتهم عليها الكنيسة، ثم تبنتها وجعلتها رموزا تأويلية ملفقة ترضيهم وتلبس على غيرهم " (٣) .

(١) نصيبين مدينة من بلاد الجزيرة يروي " ياقوت" عنها أثرا عن الرسول ﷺ فيه دعاء بفتحها وجعلها بركة للمسلمين. وقد فتحها القائد المسلم عياض بن غنم ﵁، واشتهرت بمدرستها السريانية. انظر ياقوت الحموي. معجم البلدان. - مرجع سابق - ٥ / ٢٨٨ - ٢٨٩. (٢) يقول إسماعيل مظهر: " ولم يكونوا عاملين على نشر المسيحية فقط، بل أرادوا أن ينشروا منها تعاليمهم الخاصة في طبيعة المسيح، فأخذوا يستعينون على بث أفكارهم بأقوال ومذاهب منتزعة من الفلسفة اليونانية. فأصبح كل مبشر نسطوري بالضرورة معلما في الفلسفة اليونانية، كما أنه مبشر بالدين المسيحي ". انظر: إسماعيل مظهر. " تاريخ تطور الفكر العربي بالترجمة والنقل من الثقافة اليونانية - ١ - ". - المقتطف مج ٦٦ ع٢ (٣ / ٣ / ١٩٢٥ م) . - ص١٤١ - ١٤٩. (٣) أندريه نايتون وإدغار ويند وكارل غوستاف يونغ. الأصول الوثنية للمسيحية. ترجمة سميرة عزمي الزين - د. م.: المعهد الدولي للدراسات الإنسانية، ١٤١١ هـ - ١٩٩١م. ص٥. - (سلسلة من أجل الحقيقية / ٤) . وانظر أيضا في الأصول الوثنية للنصرانية: محمد طاهر التنير. العقائد الوثنية في الديانة النصرانية. - نشره وعلق عليه ونقحه وقدم له محمد بن إبراهيم الشيباني. - الكويت: مكتبة ابن تيمية، ١٤٠٨ هـ ١٩٨٧م. ص ١٥٦. - (سلسلة ملل ونحل / ٤) .