Encyclopedia of the Virtues of Quranic Chapters and Verses - The Authentic Section
موسوعة فضائل سور وآيات القرآن - القسم الصحيح
خپرندوی
الجزء الأول (دار ابن القيم،الدمام) - الجزء الثاني (مكتبة العلم
د ایډیشن شمېره
الجزء الأول (الأولى،١٤٠٩ هـ) - الجزء الثاني (الثانية
د چاپ کال
١٤١٤ هـ
د خپرونکي ځای
جدة
ژانرونه
موسوعة فضائل سور وآيات القرآن
القسم الصحيح
تأليف
الشيخ محمد بن رزق بن طرهوني
المجلد الأول
ناپیژندل شوی مخ
جميع الحقوق محفوظة
الطبعة الأولى
١٤٠٩ هـ
دار ابن القيم للنشر والتوزيع
هاتف: ٨٢٦٨٣٤٣ - ص. ب: ١٨٦٥ - الدمام - رمز بريدي: ٣١٩٨٢ - الدمام - جنوب الاستاد الرياضي - المملكة العربية السعودية
1 / 2
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
خطبة الكتاب
الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أَنفسنا ومن سيئات أَعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأَشهد أن لا إِله إلا الله وحده لا شريك له وأَشهد أَن محمدًا عبده ورسوله.
﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ (١٠٢)﴾
﴿يَاأَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا (١)﴾.
﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا (٧٠) يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا﴾
أما بعد:
فإِن أَصدق الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي محمد ﷺ، وشر الأُمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار.
﴿سُبْحَانَكَ لَا عِلْمَ لَنَا إِلَّا مَا عَلَّمْتَنَا إِنَّكَ أَنْتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ﴾.
اللهم إِنا نسأَلك التوفيق والرشاد، ومجانبة الهوى ومحالفة السداد، وصلِّ اللهم على محمد النبي وسلم تسليمًا كثيرًا.
1 / 3
المقدمة
كثيرًا ما تطرقت أَنا وزملائي في دراستنا إِلى باب التفسير بالمأثور، والذي كلما تعرضنا له ضاقت صدورنا بما يحويه من الرزايات الباطلة والمدسوسة، وكلما مررنا بهذا تساورني فكرة التحقيق الجاد للتفسير بالمأْثور، والذي يردني عجزي وضعفي عن ذلك، وكم سررت من خطوات جادة قام بها بعض الإِخوة الفضلاء في جزئيات من هذا المضمار، ومهما كان فيها من نقص فالنقص عادة البشر، وها أَنا الآن أطرق باب الأَحاديث الواردة في فضائل السور والآيات لعله يكون مساهمة طيبة في خدمة التفسير، بالمأْثور والذي عليه المعول في التفسير، فإِنه إذا وجد النقل ترك العقل، وأَنا مقتنع تمامًا بأَن التفسير بالمأْثور إِذا اقتصرنا على الصحيح منه لكان شيئًا كثيرًا جدًّا، وسيرى كل من يطلع على هذا البحث - إِن شاء الله - حقيقة هذا الأَمر من خلال هذه الجزئية الصغيرة من تلكم العلوم الغزيرة، وأَرجو أَن تكون خطوة لهدم القولة المنسوبة للإِمام أحمد: (ثلاثة كتب لا أُصول لها "المغازي"، و"الملاحم"، و"التفسير"). ولا أَصل لها من الصحة (١).
وقد بدأَت قبل في محاولة لهدم أَول هذه القولة وأَرجو الله أَن يوفقني لإِتمام ذلك فتخرج سيرة صحيحة يصح الارتكاز عليها في تفسير كتاب الله ﷿ والآن أَدعو الله أَن يتقبل مني هذا العمل الضئيل ويجعله خالصًا لوجهه الكريم ويعينني على إِتمامه على ما يرضيه.
هذا من جهة تعلق البحث بعلم التفسير، أَما تعلقه الوثيق بخدمة
_________
(١) مرويات غزوة بدر: ٣٢ - ٣٨.
1 / 5
كتاب الله والحث على تلاوته وحفظه فحسبي دافعًا ويكفيني وازعًا لخوض ذلك المجال، والله هو الموفق وله الفضل والمنة.
والحمد لله رب العالمين.
1 / 6
أهمية هذا العلم
هذا العلم من أَجلِّ العلوم وأَشرفها لارتباطه بكتاب الله جلَّ وعلا اهتم به بادئ ذي بدء النبي ﷺ وسيتضح هذا جليًّا في البحث - إِن شاء الله تعالى - ثم الصحابة من بعده وتابعوهم وهذا مأثور في كلامهم بكثرة ولم أَتعرض له في البحث لاقتصاري على المرفوع إِلا ما كان على سبيل الاستشهاد.
* ومن مميزات هذا العلم:
(١) أَنه يرغب في تلاوة كتاب الله ﷿ ويحث على حفظه والارتباط الوثيق به ومن هذا الباب دخل أَكثر الوضاعين في هذا المجال لترغيب الناس وشغلهم بالقرآن فوقعوا في الكذب على رسول الله ﷺ.
قال محمد بن عيسي الطباع قلت: لميسرة بن عبد ربه من أَين جئت بهذه الأَحاديث من قرأَ كذا كان له كذا قال: وضعته أُرغب الناس (١).
وسئل نوح الجامع من أَين لك عكرمة عن ابن عباس في فضائل القرآن سورة سورة وليس عنده أَصحاب عكرمة هذا؟ فقال: إِني رأَيت الناس قد أَعرضوا عن القرآن واشتغلوا بفقه أبي حنيفة ومغازي ابن إِسحاق فوضعت هذا الحديث حسبة (٢).
_________
(١) "الميزان": ٤/ ٢٣٠.
(٢) "الإتقان": ٢/ ١٩٨.
1 / 7
(٢) يرشد المسلم إِلى ما يكثر به حسناته ويمحو سيئاته بعمل يسير في متناول الجميع.
(٣) يوجه المسلم إِلى السلاح الذي يحارب به الشيطان ويعينه على مجابهة من أَراد به الضر من الجان والذي يعافي منه كثير من الناس في جميع الأَزمان وإِلى الآن.
(٤) يلفت نظر السلم إلى التداوي بكتاب الله ﷿ من الأَمراض الجسدية كما أَنه شفاء من الأَمراض النفسية ويقوي يقينه بذلك.
(٥) يعلم المسلم مدى منزلة النبي ﷺ ومدى كرامة هذه الأُمة على ربها فاختصهم بذلك الكتاب الذي يحوي أَعظم مما حواه الكتب التي قبله.
وغير ذلك كثير وتحت كل نقطة نقاط وسيتضح ذلك من خلال البحث - بإِذن الله -.
* اهتمام أَهل العلم به:
هذا الباب اهتم به أَهل العلم اهتمامًا بالغًا وسنلقي نظرة على كتب التفسير والحديث وما صنف في هذا الباب لنتبين ذلك.
(١) نظرة في كتب التفسير:
إِذا أَلقينا نظرة على أَهم كتب التفسير سواء كانت بالمأثور أَو بالمعقول أو بهما معًا لوجدنا أَنها تهتم بذكر فضائل كل سورة أَو آية في بداية تفسيرها أو بعد الانتهاء منها إِلا أَن المشاهد أَن معظم ما يذكره أَكثر المفسرين هو من قسم الضعيف والموضوع مع إِغفال ذكر الكثير من الصحيح المرفوع وذلك وقع فيه أَمثال الزمخشري والبيضاري وأَبي السعود والرازي، وهناك من أهل
1 / 8
التفسير من حاول تنقيح ذلك وعلى رأسهم ابن كثير ﵀ وهو أَفضل التفاسير في ذلك على الإِطلاق فيما وقفت عليه، وهناك من اقتصر على البعض فذكره بإِسناده وأكثره من الصحيح مثل الطبري ﵀ والبعض رواه بإسناده أيضًا ولكنه أَكثر من الضعيف مثل ابن مردويه والثعلبي وهناك من جمع فأوعى ولكن بدون تمحيص كالسيوطي في "الدر المنثور" والبعض اختار منه روايات فنقلها في كتابه بدون تمحيص أيضًا كالشوكاني في "فتح القدير".
(٢) نظرة في كتب الحديث:
لنتصفح مثلًا الكتب الستة كمثال لغيرها من كتب السُّنَّة فنجد البخاري وهو رأْس من كتب الحديث صنف كتابًا سماه "فضائل القرآن" فضمنه ما جاء فيما يتعلق بالقرآن ومنه فضائل بعض السور والآيات، وكذا الإمام مسلم نجده جعل أَبوابًا متعاقبة بدأَها بـ (باب فضائل القرآن والأمر بتعاهده) وختمها بـ (باب ما يتعلق بالقراءات)، أَما الترمذي ﵀ فقد صنف كتابًا مثل البخاري وسماه "فضائل القرآن" بدأَ فيه بفضائل السور والآيات ثم أَتبعه بما يتعلق بفضل القرآن وتعليمه وغير ذلك، وجعل أَبو داود بابًا أَتبعه لـ (باب الحث على قيام الليل) سماه (باب في ثواب قراءة القرآن) ثم أَتبعه (باب فاتحة الكتاب) ثم عطف أبوابًا في بعض الآيات والسور الأُخرى وما يتعلق بالقراءة، ثم الإِمام النسائي الذي أَفرد كتابًا مستقلًا لفضائل القرآن يأْتي الكلام عليه ومع ذلك فقد صنف بابًا في سننه سماه (جامع مما جاء في القرآن) وضمنه أبوابًا في فضائل بعض السور والآيات، أَما ابن ماجة فلم يفرد كتابًا لذلك بل فرقه أَبوابًا في أَكثر من كتاب فذكر فضل تعلم القرآن وتعليمه في كتاب "العلم" ثم بعض فضائل الفاتحة في كتاب "إِقامة الصلاة" وكذا حسن الصوت بالقرآن وبعض فضائل أَواخر البقرة وغير ذلك ضمنه ذلك الكتاب.
1 / 9
(٣) نظرة في الكعب التي صنفت في فضائل القرآن:
أَول من صنف في هذا الشافعي ﵀ (٢٠٤ هـ) في كتاب سماه "منافع القرآن" ثم أَكثر العلماء من التصنيف في ذلك باسم فضائل القرآن أو ثواب القرآن فمنهم أَبو عبيد القاسم بن سلام (٢٢٤ هـ)، وإِسماعيل بن عمرو البجلي (٢٢٧ هـ) (١)، وخلف بن هشام المقرئ (٢٢٩ هـ)، وهشام بن عمار المقرئ المحدث (٢٤٥ هـ)، وحفص بن عمر الدوري المقرئ المحدث (٢٤٦ هـ)، وحميد بن زنجويه الحافظ (٢٥١ هـ)، وأَبو الفضل العباس بن الفرج الرياشي (٢٥٧ هـ)، ويحيى بن زكريا بن إِبراهيم بن مزين (٢٥٩ هـ)، وأَحمد بن محمد البرقي كان في زمن المعتصم، وأَحمد بن المعذل، وابن الضريس محمد بن أَيوب (٢٩٤ هـ)، وابن أَبي شيبة محمد بن عثمان (٢٩٧ هـ)، والفريابي جعفر بن محمد (٣٠١ هـ)، والنسائي (٣٠٣ هـ)، والعسكري أبو الحسن على بن سعيد (٣٠٥ هـ)، وابن أَبي داود (٣١٠ هـ)، وداود بن محمد الأودني (٣٢٠ هـ)، ومحمد بن أَحمد بن محمد بن الحداد (٣٤٤ هـ)، وأَبو الشيخ بن حيان (٣٦٩ هـ)، وعبد السلام بن أَحمد البصري، والمستغفري جعفر بن محمد (٤٣٢ هـ)، وأَبو ذو الهروي (٤٣٤ هـ)، وأَبو الحسن بن صخر الأَزدي (٤٤٣ هـ)، والواحدي (٤٦٨ هـ)، وأحمد بن محمد الرازي (٦٣١ هـ)، ومحمد بن عبد الواحد بن إِبراهيم الغافقي (٦١٩ هـ)، وابن كثير (٧٧٤ هـ)، وابن الجزري (٨٣٢ هـ).
وهناك كتب بأسماء أُخرى مثل "الدر النظيم في منافع آيات القرآن العظيم" لمحمد بن خلف الوادآشي، و"بهجة الزمان في فضل القرآن" لعبد الرحمن الغرناطي، و"الدرر الثمينة في فضائل الآيات والسور العظيمة" لمحمد المدني،
_________
(١) "سير أعلام النبلاء": ١٩/ ٤٨٤.
1 / 10
و"خمائل الزهر في فضائل السور" للسيوطي.
وهناك من أَلف في ذلك أيضًا ومنهم عمر بن هشيم، وأَبو شبيل، وعباس ابن أَصبغ الهمداني، والضياء المقدسي، وأَبو العطار المليحي، وأَحمد بن محمد ابن عمار، ومحمد بن الصفار، والتميمي الحكيم، وعبد الرحيم بن على بن إِسحاق القرشي، وعبد الرحمن بن أحمد الرازي، وابن عبد الهادي (١).
ومن المصنفين من صنف في بعض السور وعلى رأْسهم الحافظ أَبو محمد الحسن بن محمد بن الحسن الخلال (٤٣٩ هـ)، الذي صنف في فضائل الإخلاص (٢) وقبله الحافظ أَبو نعيم في نفسي السورة (٣)، فضائل البسملة للحسين بن محمد، وفضائل سورتي القدر والإِخلاص للسيوطي، وأَربعون حديثًا تتعلق بسورة الإِخلاص لتلميذ السيوطي يوسف بن عبد الله الحسيني (٤).
ولنلق نظرة خاطفة في بعض الكتب المصنفة في الفضائل ولنختر فضائل أَبي عبيد وابن الضريس والنسائي:
هذه الكتب في الواقع غير مقتصرة على فضائل القرآن فحسب بل تحوي الكثير من علوم القرآن، فأَبو عبيد مثلًا بدأَ كتابه بفضل القرآن وتعلمه وتعليمه وقراءته واتباعه وإِعظام أَهله وما إِلى ذلك ثم ذكر أَبوابًا تتعلق بقارئ القرآن وأَحكام القراءة وحكم السفر بالقرآن وما جاء في نسيان القرآن والتأكل به
_________
(١) "كشف الظنون" ٢/ ١٢٧٧، ١٨٣٥، ٤/ ١٩٨، ١٩٩، "الفهرست" ٥٥، "مقدمة فضائل النسائي" ١٣ - ٢٢، وذكر ابن زنجويه السيوطي في "الدر"، ابن الجزري ذكره المحقق لفضائل أبي عبيد، وابن عبد الهادي مخطوط بالجامعة الإِسلامية، وابن كثير مطبوع.
(٢) مصور بالجامعة الإسلامية (راجع فهرس المصادر) وقد تم تحقيقه يسر الله طبعه.
(٣) ذكره الكتاني في الرسالة المستطرفة.
(٤) الأَول والثاني مصوران على ميكروفيلم بمكتبة الجامعة الإِسلامية والثالث في المصورات.
1 / 11
والتنطع فيه ونحو ذلك ثم عقد بابًا لفضائل السور والآيات ثم تكلم على تأْليف القرآن، وحروف القراءات، وما نسخ من القرآن، والمكي والمدني، وأَول ما نزل وآخر ما نزل، وما يتعلق بالتأويل في القرآن بالرأْي والتغليظ على من فعله ونحو ذلك، ثم تكلم على بعض أَبواب تتعلق بأَحكام المصاحف، أَما ابن الضريس فبدأَ كتابه بإِقامة حدود القرآن والوقوف عند الآيات وتدبرها، ثم ما يقرأ به الأَعرابي الجاهل بالقرآن، ثم باب في ما نزل من القرآن بمكة وما نزل بالمدينة، وأول ما نزل وآخر ما نزل، ثم باب ما قالوا في الماهر بالقرآن، وباب فيمن كره التعشير في المصحف، وباب في الرجل إذا ختم ما يصنع، وباب ما قيل في فضل الألف واللام من القرآن، وتعلم آيات القرآن، وفضل تعلمه وفضل حامله، وباب ما يتعلق بختمه، وباب فيمن قال القرآن يشفع لصاحبه يوم القيامة، ثم باب يقال لصاحب القرآن اقرأ وارقه، ثم باب كيف أُنزل القرآن، وفي كم أُنزل، وباب في فضل من تعلم القرآن وعلمه، ثم أَبواب في فضائل السور والآيات.
وكذا النسائي بدأَ بذكر أَبواب تتعلق ببدء الوحي ونزول القرآن وكتابة الوحي، ثم ذكر قراء القرآن والأَربعة الذين جمعوه في عهد النبي ﷺ، ثم جمع القرآن وكتابته، ثم فضائل سور وآيات مخصوصة، ثم أَبواب في تعلم القرآن، وفضل تعلمه، وفضل صاحبه، وما جاء في نسيانه، وما جاء في الماهر والمتعتع بالقرآن، ثم أبواب في تزيين الصوت وتحبيره، ثم بعض أَحكام تتعلق بقراءة القرآن، وأبواب في كيف يقول المقرئ للقارئ إذا أَوقفه، ثم أبواب في القول في القرآن بغير علم، وفي من رايا بالقرآن، وبعض آداب القراءة والنهي عن المراء والاختلاف في القرآن.
1 / 12
* طريقتي في البحث والتخريج والتحقيق:
أَولًا: طريقة التجميع والتخريج:
والتجميع هو أَهم خطوة في هذا الكتاب، فطفقت أَجمع الأَحاديث من مظانها في كتب السُّنَّة كتابًا كتابًا بتوفيق الله جلَّ وعلا حتى أَنني تصفحت كتبًا كاملة لصعوبة الوقوف على أَحاديث الفضائل فيها، مثلا "المعجم الصغير" للطبراني، و"عمل المسلم في اليوم والليلة" للنسائي، وابن السني، و"فضائل ابن الضريس"، و"مسند الطيالسي"، و"قيام الليل" لابن نصر، "ومعرفة الصحابة" لأبي نعيم، و"مسند الروياني"، و"مسند الفردوس" للديلمي، و"معجم ابن الأعرابي"، و"الأَباطيل" للجوزقاني، وأَجزاء حديثية كثيرة، و"مسند إِسحق بن راهوية"، و"مسند الشهاب"، وغير ذلك كثير، واستعنت بفهارس عدة يسرت عليَّ كثيرًا من المجهود مثل "المعجم المفهرس"، وفهارس الأَحاديث في "معجم الطبراني الكبير"، و"مفتاح الترتيب في فهرسة أَحاديث تاريخ الخطيب، و"البغية في ترتيب أَحاديث الحلية"، وفهرس أَحاديث "ضعفاء الرجال" لكامل ابن عدي، وفهرس أَحاديث "طبقات ابن سعد"، وأَحاديث "الكنى" للدولابي، وأَحاديث العقيلي وغير ذلك.
ونظرت في كتب التخريج الجامعة وخصوصًا الدر المنثور للسيوطي وتلخيص الكبير، واستعنت بالتعليقات على كتب السنة والشروح عليها، وأَخص بالذكر منها "فتح الباري"، و"الفتح الرباني"، والتعليق على الدارقطني، والتعليق على أَبي عبيد، والتعليق على فضائل النسائي وغير ذلك.
ورجعت إلى كتب الأَحاديث المشتهرة على الأَلسنة والأَحاديث الضعيفة مثل "كشف الخفا" للعجلوني، و"اللآلئ المصنوعة" للسيوطي وغير ذلك. وكلما وقفت على مصدر ذكر الحديث لم آلُ جهدًا في محاولة الوقوف
1 / 13
عليه في مصدره ولو كان مخطوطًا للنظر في سنده والاستفادة في تجميع طرقه.
كما استعنت بقراءاتي الخاصة لبعض الكتب التي لم تذكر كثيرًا في تخريج السابقين مثل كتابي الطحاوي "شرح معاني الآثار" و"مشكل الآثار" و"مصنف عبد الرزاق"، و"معجم أَبي بكر الإِسماعيلي"، و"فضائل الفريابي"، و"التهجد" لابن أَبي الدنيا وغيرها كما استفدت من كتب التفسير في تجميع الأَحاديث وخصوصًا تفسير ابن كثير الذي يسر لي الحصول على بعض الأَسانيد مثل أسانيد ابن مردويه في عدة مواضع وغير ذلك فاجتمع لي قدر ضخم من أَحاديث فضائل السور والآيات خليط من المقبول والمردود.
ثانيًا: التحقيق:
كنت أَثناء التجميع والتخريج أَنظر في طرق الحديث وأُعلق عليها وأُسجل أَقوال بعض أَهل العلم فيها، فصارت الأَحاديث قسمين: أَحدها صحيح، والآخر ضعيف، ولكن على صورة مسودات، وبدأَت التبييض حتى أَوشكت على الانتهاء، ولكن أَشار على بعض المشايخ الفضلاء بطبع الكتاب على هيئة أَجزاء لتتم الاستفادة منه أَولًا بأَول فهيأْت ذلك الجزء من القسم الصحيح ويتلوه باقي الكتاب بقسميه إِن شاء الله في وقت قريب.
وقد اهتممت في التحقيق ببيان علل الأَحاديث ومناقشتها (١)، والكلام على الشواهد والمتابعات، وإذا قلت: قال الحافظ فإنما أَعني به ابن حجر ﵀، وسيأْتي مزيد كلام عن التحقيق في ما ذكرته في منهجي في الكتاب. وقد آثرت أَن أُخرج الكتاب في صورته التي هي عليها الآن من أَن أُنهيه على غير هذه الصورة، والتي إِذا قورنت بأَي مصدر خرج هذه
_________
(١) انظر على سبيل المثال حديث عبادة في فاتحة الكتاب وحديث شيبتني هود وأَخواتها. وحديث قل هو الله أحد ثلث القرآن.
1 / 14
الأَحاديث أَو تكلم عليها لعلم مدى المجهود الذي بذل فيه.
والله أَسأَل أَن يجعل عملي هذا خالصًا لوجهه ويغفر لي زلاتي. وما لا يسلم منه بشر من أَخطاء.
* وكان منهجي في الكتاب على النحو التالي:
(١) ذكر فضل السورة أو الآية كعنوان للباب تحته أَحاديث هي العمدة فيه وكتبتها في الصدر وطريقتي فيها هكذا:
- إِذا كان الحديث عن عدة من الصحابة كررته بإِسناد واحد إِلى كل صحابي إذا كان الإِسناد الواحد مما تقوم به الحجة ولو لشواهد تقدمت فِي نفس الباب.
- وأَحيانًا أَذكر في الصدر الحديث بأَكثر من إِسناد أَو أَذكر شواهده إِذا كان فيه مقال بحيث يرتقي للحسن بما ذكرت.
- يلاحظ أَنني لم أَذكر إلا ما هو نص في الآية أَما إِذا كان هناك أَحاديث في فضل دعاء مثلًا يشمله جزء من آية فلا أَذكره (١).
- طريقتي في اختيار المصدر الذي أَكتب منه الحديث مبنية على فائدة معينة فيه إِما لعلو إِسناده وإما لتصريح مدلس فيه بالسماع وإِما لأن رجال سنده أَقوي من رجال السند عند غيره وإِما لوجود زيادات في متنه ونحو ذلك.
- إِذا كان هناك زيادات متفرقة في الكتب التي أَخرجت الحديث أَكتبها في ما يناسبها من أماكن وأَجعلها بين قوسين ولم أَذكر إِلا زيادات من طرق مقبولة وتركت ما كان من طريق مردودة أو فيه شذوذ
_________
(١) مثَل فضل التسمية والحمد ومثل دعاء ربنا آتنا في الدنيا حسنة، وسبحان الذي سخر لنا هذا وغير ذلك.
1 / 15
أَو نكارة وإِن كانت الزيادة مما قد يتوهم البعض عدم ثبوتها نبهت على من أَخرجها ومن أي طريق ولولا خشية الإِطالة لذكرت كل زيادة وطريقها والكلام عليها. ولم أَلتزم بذكر الزيادات في كل ما أَخرجته من الحديث.
(٢) ثم أَذكر تخرج الحديث من كل المراجع التي وقفت عليه فيها، وأُقسم ذلك إلى طرق إِن كان هناك أَكثر من طريق، ثم أَذكر رواة تلك الطرق لدفع ظن التفرد أَو الاضطراب ولتوثيق ثبوت الحديث وللاستفادة في معرفة اشتهاره أَو تواتره من أَين وغير ذلك، وإِذا وقفت على بعض الكتب أَخرجته ولم أَقف على سنده جعلت ذلك بين قوسين مع ذكر من نقل ذلك في آخر التخرج.
(٣) في التحقيق أَتكلم على رجال كل طريق على حدة وأَهتم اهتمامًا أَوليًا بطريق حديث الباب فأُترجم بقية رجاله واعتمدت كلام الإِمام ابن حجر في "التقريب" في أَكثر الأَحوال وهو المرجع الأَساسي عند إِطلاق الكلام في الرجل، وأَحيانًا أَذكره، أَما إِذا ذكرت كلامًا خارج "التقريب" فأُقيده بمرجعه ولم أَذكر الصفحات والأَجزاء في كتب التراجم المفهرسة على أَسماء الرجال لأَن الرجوع إليها لا يحتاج إِلى ذكر ذلك وأَحيانًا أًشير إِلى المحل.
ثم أذكر ما ورد من الشواهد لهذا الحديث وأهتم في الغالب بذكرها حسب قوتها.
(٤) ثم أَذكر ما ورد في الباب من أَحاديث لم أَقف على سندها أَو فيها من لا يصلح للاستشهاد به وقد تدمج هذه الفقرة في الفقرة السابقة وأَتكلم على هذه الأحاديث حسب ما وقفت عليه فيها.
(٥) لم أَستطع الالتزام في التخريج بذكر أَسماء المخرجين على حسب وفياتهم
1 / 16
لكثرة وقوع الاستدراك وتعذر ذلك معه.
(٦) أُنبه في غضون الكلام على بعض الأَخطاء المطبعية والتصحيفات مع بيان دليل ذلك.
(٧) قد أُعلق أَحيانًا على بعض النقاط التي وجدت أَن التعليق عليها فيه فائدة طيبة وهو قليل. وأَقوم بشرح غريب الحديث إِذا دعت الحاجة إِليه.
(٨) إِذا كان الحديث يجمع فضلًا لأَكثر من سورة أو آية كررته في مواضعه باختصار ثم الإِرجاع إِلى الموضع الذي تكلمت عليه فيه باستفاضة.
(٩) هذا وإِن ذلك المنهج خاص بالقسم الصحيح في كثير من نقاطه وأَما القسم الضعيف فسيكون له مقدمة خاصة أَذكر فيها منهجي فيه بالتفصيل.
(١٠) ثم الخاتمة، ثم فهرس للمواضيع، وإِن شاء الله سيكون في آخر الكتاب جزء خاص بفهارس علمية دقيقة لتيسير الاستفادة بالكتاب.
ويلاحظ أَن أَكثر من رأَيت من المشايخ بل وبعض كبار العلماء السابقين يظن أن الأَحاديث الصحيحة التي في هذا الباب قليلة جدًا ومن هؤلاء الإِمام ابن القيم ﵀ حيث يقول:
(والذي صح في أَحاديث السور حديث فاتحة الكتاب وأَنه لم ينزل في التوراة ولا في الإِنجيل ولا في الزبور مثلها، وحديث البقرة وآل عمران أَنهما الزهراوان، وحديث آية الكرسي وأَنها سيدة آي القرآن، وحديث الآيتين من آخر سورة البقرة من قرأَهما في ليلة كفتاه، وحديث سورة البقرة لا تقرأ في بيت فيقربه شيطان ...)، ثم ذكر أَربعة أَحاديث في باقي القرآن، ثم ثلاثة أَحاديث ذكر أَنها دونها في الصحة، ثم قال: (ثم سائر الأحاديث بعد كقوله:
1 / 17
"من قرأَ سورة كذا أُعطي ثواب كذا" فموضوعة على رسول الله ﷺ وقد اعترف بوضعها واضعها ...) إلى آخر كلامه ﵀ فإِن أَراد الحصر فهناك كثير غيرها، وإِن أَراد ضرب مثال للأَحاديث الصحيحة فيمكن توجيه كلامه على ذلك (١).
وفهم السيوطي ﵀ فأَورد ثلاثة أَحاديث صحيحة في الفاتحة، وأَورد في البقرة ثمانية أَحاديث، وذكر غير ذلك بضع أحاديث ضعيفة وموضوعة وسار في باقي القرآن "على نفس المنوال (٢).
وفي حقيقة الأَمر أَحاديث الفضائل جملة تنيف على أَلف حديث قد جمعت معظمها، والصحيح منها قدر كبير.
وأَدعو الله أَن يوفقني إلى إخراج هذا الكتاب بجزأَيه الصحيح والضعيف لتتبين حقيقة ما أَقول والله ولي التوفيق.
_________
(١) "المنار المنيف" ١١٣، ١١٤.
(٢) "الإتقان" ٢/ ١٩٤، ١٩٥.
1 / 18
الباب الأول فضائل سورة الفاتحة
1 / 19
فضائل سورة الفاتحة
* أَرسل الله ملكًا لم ينزل إلى الأَرض قط فنزل من باب من السماء لم يفتح قط فأَتى النبي ﷺ فبشره بأنها نور أُوتيه لم يؤته نبي قبله وأَنه لن يقرأ بحرف منها إِلا أُعطيه:
عن ابن عباس:
(١) قال مسلم: حدثنا حسن بن الربيع وأَحمد بن جواس الحنفي قالا: حدثنا أَبو الأحوص عن عمار بن رزيق عن عبد الله بن عيسي عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال: بينما جبريل قاعد عند النبي ﷺ سمع نقيضًا (١) من فوقه فرفع رأْسه فقال: "هذا باب من السماء فتح اليوم لم يفتح قط إِلا اليوم فنزل منه ملك فقال: هذا ملك نزل إِلى الأَرض لم ينزل قط إِلا اليوم فسلم وقال: أَبشر بنورين أُوتيتهما لم يؤتهما نبي قبلك فاتحة الكتاب وخواتيم سورة البقرة لن تقرأ بحرف منهما إِلا أُعطيته".
_________
تخريجه وطرقه:
أخرجه مسلم ٦/ ٩١، والنسائي في "السنن" ٢/ ١٣٨ وفي الفضائل ٧٦، ٧٩، وفي "اليوم والليلة" ٤٤/أ، ٢٨/ ب، ابن نصر في "قيام الليل المختصر" ٦٩، وأبو يعلي ٤/ ٣٧١، ابن حبان ٢/ ١٠٨، البغوي في "شرح السنة" ٤/ ٤٦٥، الطبراني ١١/ ٤٤٣، الحاكم ١/ ٥٥٩، البيهقي في "الشعب" ١/ ٣٥٥ القسم الثاني، والجوزقاني في "الأَباطيل" ٢/ ٢٧٥، جميعهم من طريق عمار بن =
_________
(١) النقيض: الصوت ونقيض السقف تحريك خشبه "لسان العرب": (٦/ ٤٥٢٥).
1 / 21
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
_________
= رزيق عن عبد الله بن عيسى به.
ورواه عن عمار أبو الأَحوص ومعاوية بن هشام.
ورواه عن أَبي الأَحوص أَحمد بن جواس ومحمد بن الحسن وابن الأَصبهاني ويحيى بن آدم والحسن بن الربيع وسهل بن عثمان.
ورواه عن معاوية عثمان بن أبي شيبة.
١ - وأخرج الحاكم ١/ ٥٥٠، البغوي ٣/ ٥٠، وغيرهما من طرق عن عبد الملك بن عبد العزيز بن جريج قال: أخبرني أَبي أَن سعيد بن جبير أَخبره قال ابن عباس: "فأَخرجها الله لكم وما أَخرجها لأَحد قبلكم".
وعبد العزيز بن جريج لين "التقريب"، فهذا الموقوف فيه ضعف ولكنه يشهد لجزء من المرفوع وهو أيضًا في حكم المرفوع.
٢ - وعن أبي هريرة:
في حديثه الطويل في الإِسراء عن النبي ﷺ ... فقال له ربه: " ... وآتيتك سبعًا من المثاني لم أَعطها نبيًا قبلك وأَعطيتك خواتم سورة البقرة من كنز تحت العرش أَعطها نبيًا قبلك ..... ".
أَخرجه الطبري ١٥/ ١١٢٦، والبزار في "كشف الأَستار" ١/ ٣٨، والبيهقي في "الدلائل" ٢/ ١٤٣ ط أ، وابن أَبي حاتم، (انظر "ابن كثير" ٣/ ٢٠) من طريق أَبي جعفر الرازي عيسى بن ماهان عن الربيع بن أَنس عن أَبي العالية عن أَبي هريرة وأَحيانًا يشك فيقول عن أَبي العالية أَو غيره وأَحيانًا عن أَبي هريرة أَو غيره، ورواه عن أَبي جعفر حجاج بن محمد وحاتم بن إِسماعيل وأَبو النصر هاشم بن القاسم عيسى بن عبد الله التميمي، وأَبو جعفر الرازي صدوق سيء الحفظ "التقريب"، وقال ابن كثير ٣/ ٢١، والظاهر أَنه سيء الحفظ ففيما تفرد به نظر. ا. هـ.
وهذا الجزء من الحديث قد توبع على معناه وسيأْتي مفرقًا كل جزء في بابه.
وأَخرجه ابن عدي وأَبو يعلي وابن نصر في الصلاة، وابن مردويه (انظر "الدر" ٤/ ١٤٤).
ملحوظة:
من قوله "وأَعطيتك ... إلى قبلك" ساقط في الطبري وهو ثابت في ابن كثير وقد نقله عن الطبري وهو الموافق لبقية المراجع. =
1 / 22