109

Encyclopedia of Sects and Religions - Dorar Al-Sunniyah

موسوعة الملل والأديان - الدرر السنية

خپرندوی

موقع الدرر السنية على الإنترنت dorar.net

ژانرونه

فيظهر من هذا واضحًا أن عزرا قد كتب لهم التوراة، ولم يذكر اليهود من أين وصلت التوراة إليه، وبينه وبين موسى ﵇ أكثر من ثمانية قرون؟ وقد فقدت التوراة قبل زمن عزرا قطعًا كما مرَّ ذكره.
فعلى هذا يتبين أن التوراة التي كان عزرا يقرأها على الناس إما أن تكون مفتراة مكذوبة، دوَّنها عزرا من محفوظاته وما وصل إليه من مدونات ومعلومات، وليست توراة موسى، وبالتأكيد لا يوثق بحفظه ولا ما وصل إليه من أوراق وكتب؛ إذ إن ذلك يحتاج إلى إثبات السند المتصل منه إلى موسى ﵇، وهذا أبعد عليهم من السماء. وإما أن تكون معلومات متوارثة في الأحكام الواجب على بني إسرائيل التزامها، دوَّنها عزرا على أنها الفرائض التي أوجبها الله على بني إسرائيل، وزعم هو أو زعم كُتَّاب الكلام السابق أنها سفر شريعة موسى، وبين الأمرين كما بين السماء والأرض؛ إذ إن توراة موسى منزلة من عند الله، وما جمعه عزرا ودوَّنه لا يعدو أن يكون فهومًا واستنباطات بشرية يعتريها ما يعتري البشر من النقص والخلل، وهذا الاحتمال الأخير أرجح من سابقه، وذلك لأن اليهود ذكروا في كتابهم عن عزرا قولهم: (لأن عزرا هيأ قلبه لطلب شريعة الرب والعمل بها، وليعلم إسرائيل فريضة وقضاء). فهذا يدل على أنه أخذ يجدُّ في الجمع والتتبع والعمل والتعليم.
وهناك نص آخر يدل على أن بني إسرائيل قد أهملوا العمل بكثير من التعاليم من أيام يوشع بن نون، وفي هذا قالوا عن أحد أعيادهم التي عملوها بدعوة من عزرا: (وعمل كل الجماعة الراجعين من السبي مظال وسكنوا في المظال؛ لأنه لم يعمل بنو إسرائيل هكذا من أيام يشوع بن نون إلى ذلك اليوم، وكان فرحا عظيما جدًّا).
فهذا ينص صراحة على الإهمال للتعاليم، وعدم أدائها من زمن بعيد، فلا يمكن لرجل مهما أوتي من العلم جمع كل التعاليم الواجبة مع البعد الزمني، وكثرة التقلبات والانحرافات التي وقع فيها بنو إسرائيل، ومع ذلك فجمعه لا يعدو أن يكون عملًا بشريًّا لا يصح بأي حال نسبته إلى الله ﷿.
١٠ - ذكر المؤرخون أن الحاكم اليوناني (بطليموس الثاني) الذي كان في الفترة من (٢٨٢ - ٢٤٧ - ق. م) طلب من اليعازار رئيس الكهان أن يرسل إليه اثنين وسبعين عالمًا من علماء التوراة؛ لترجمة أسفار موسى الخمسة إلى اليونانية فنفذ الطلب، وكان اليعازار على رأس أولئك، وتمت المهمة خلال اثنين وسبعين يومًا، فكانت الترجمة المعروفة بـ (السبعينية) في اللغة اليونانية للأسفار الخمسة. وعن اليونانية ترجم العهد القديم إلى اللاتينية.
فهذه الترجمة للأسفار تمت بعد فترة طويلة جدًّا من وفاة موسى ﵇، إذ تقارب العشرة قرون، وكذلك بعد فترة طويلة من نسخة عزرا التي سبق ذكرها؛ إذ بين هذه الترجمة وتلك النسخة قرابة قرنين من الزمان، مما يجعل الكتاب الذي ترجم عنه إلى اليونانية لا سند له، فيكون المترجَم بالتالي لا قيمة له.

1 / 108