Encyclopedia of Groups Attributed to Islam - Al-Dorar Al-Sunniya
موسوعة الفرق المنتسبة للإسلام - الدرر السنية
خپرندوی
موقع الدرر السنية على الإنترنت dorar.net
ژانرونه
ويضرب لنا ذو النورين عثمان بن عفان ﵁ أروع مثال وأصدقه لحرص الصحابة ﵃ على جمع الكلمة، والعمل على حقن دماء المسلمين ولو بسفك دمائهم، فلقد ضحى بنفسه ولم ينخلع من الخلافة خشية على أمة محمد ﷺ أن يتركوا بلا إمام، أو تكون سنة للخارجين فينفتح باب شر على الأمة. لقد دخل عبدالله بن عمر ﵁ على عثمان وهو محصور في الدار، وقال: "ما ترى فيما أشار به علي المغيرة بن الأخنس؟ قال ابن عمر: ما أشار به عليك؟ قال: إن هؤلاء القوم يريدون خلعي فإن خلعت تركوني، وإن لم أخلع قتلوني، قال ابن عمر: أرأيت إن خلعت تترك مخلدا في الدنيا؟ قال: لا، قال: فهل يملكون الجنة والنار؟ قال: لا. قال ابن عمر: أرأيت إن لم تخلع هل يزيدون على قتلك؟ قال: لا. قال: فلا أرى أن تسن هذه السنة في الإسلام كلما سخط قوم على أميرهم خلعوه، لا تخلع قميصا قمصكه الله (١).وفي رواية عن عثمان أنه قال: "أما أن أخلع لهم أمرهم فما كنت لأخلع سربالا سربلنيه الله" (٢)، وقال: "والله لأن أقدم فتضرب عنقي أحب إلي من أن أخلع أمة محمد بعضها على بعض (٣).وليس هذا فقط؛ بل إنه ﵁ نهى الصحابة عن الدفاع عنه، وقتال من حاصروه حتى لا يراق دم بسببه، فقد جاء زيد بن ثابت إلى عثمان، وقال له: "هذه الأنصار بالباب يقولون إن شئت كنا أنصارا لله مرتين. فيقول له عثمان: أما القتال فلا" (٤).وقال ﵁ يوم حصر في الدار: "إن أعظمكم عني غناء رجل كف يده وسلاحه" (٥).وقال لأبي هريرة لما طلب منه الإذن بقتال هؤلاء الخارجين عليه المحاصرين له، قال: يا أبا هريرة أيسرك أن تقتل الناس جميعا وإياي؟ قال: لا، قال: فإنك والله إن قتلت رجلا واحدا فكأنما قتل الناس جميعا، فرجع أبو هريرة ولم يقاتل (٦).فعثمان ﵁ اختار أهون الشرين، فآثر التضحية بنفسه على توسيع دائرة الفتنة وسفك دماء المسلمين (٧). والصحابة حوله امتثلوا أمر الله بطاعة الإمام، وكان ﵁ قد عزم عليهم بحقه في طاعتهم له ألا يقاتلوا، فقال: "أعزم على كل من رأى أن لي عليه سمعا وطاعة إلا كف يده وسلاحه، فإن أفضلكم غناء من كف يده وسلاحه" (٨) ..
ولقد سار الصحابة ﵃ على المنهج نفسه الذي رباهم عليه رسول اله ﷺ من بغض الفرقة، والسعي لجمع الكلمة، والتنازل عن بعض الحقوق، من أجل ذلك، مثاله: أنه لما توفى الحسن بن علي ﵁ وكان قد أوصى أخاه الحسين أن يدفن بجوار رسول الله ﷺ فإن خاف قتالا أو فتنة فليدفن بالبقيع. فلما مات ﵁ لبس الحسين السلاح وتسلح بنو أمية وقالوا: لا ندعه يدفن مع رسول الله ﷺ، أيدفن عثمان بالبقيع، ويدفن الحسن بن علي في الحجرة؟ وخاف الناس وقوع الفتنة والقتال، فأشار سعد بن أبي وقاص، وأبو هريرة، وجابر، وابن عمر ﵃ على ألا يقاتل، فامتثل ﵁ ودفن أخاه قريبا من قبر أمه بالبقيع (٩).
(١) «العلم الشامخ» (ص٤٨٦).
(٢) انظر «الطبقات الكبرى» لابن سعد (٣/ ٦٦).
(٣) انظر «الطبقات الكبرى» لابن سعد (٣/ ٧٢).
(٤) انظر «الطبقات» (٣/ ٧٠)، وانظر «العواصم من القواصم» لابن العربي (ص١٢٥ - ١٢٩).
(٥) انظر «الطبقات» (٣/ ٧٠)، وانظر «العواصم من القواصم» لابن العربي (ص١٢٥ - ١٢٩).
(٦) انظر «الطبقات» (٣/ ٧٠)، وانظر «العواصم من القواصم» لابن العربي (ص١٢٥ - ١٢٩).
(٧) انظر حاشية «العواصم من القواصم» للخطيب (ص١٢٩).
(٨) انظر «العواصم من القواصم» (١٣٣).
(٩) انظر «البداية والنهاية» لابن كثير (٨/ ٤٤).
1 / 110