إذا كان الأمر كذلك، فينبغي على كل مسلم ومسلمة أن يعلم أن الخط إذا اعوجّ من رأسه فكلما مضى قدما يمشى فإنما يزداد انحرافًا وابتعادًا من الخط المستقيم الذي قال عنه رب العالمين في القرآن الكريم: ﴿وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ﴾ (الأنعام: ١٥٣).
هذه الآية الكريمة صريحة الدلالة، قطعية الدلالة كما يحب وكما يلهج حزب التحرير من بين الأحزاب الإسلامية الأخرى في دعوتهم وفي رسائلهم ومحاضراتهم هذه الآية قطعية الدلالة؛ لأنها تقول: إن السبيل الموصل إلى الله هو واحد وأن السبل الأخرى هي، التي تبعد المسلمين عن سبيل الله؛ ﴿وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ﴾ (الأنعام: ١٥٣).
وقد زاد رسول الله ﵌ هذه الآية بيانًا وتوضيحًا كما هو سنة النبي ﵌ دائما وأبدا، كما ذكر الله ﷿ في القرآن الكريم حين خاطب نبيه بقوله: ﴿وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ﴾ (النحل: ٤٤).
فسنة النبي ﵌ هي البيان الكامل للقرآن، والقرآن هو الأصل، هو الدستور للإسلام، وأما السنة فهي المبينة المؤصلة للقرآن: أي بلا تشبيه وإنما من باب التقريب: القرآن بالنسبة للنظم الأرضية كالدستور فيها، والسنة بالنسبة لهذه القوانين الأرضية كالقانون الموضح للدستور.
لذلك كان من المتفق عليه بين المسلمين قاطبةً: أنه لا يمكن فهم القرآن إلا ببيان الرسول ﵊ وهذا أمر مجمع عليه، لكن الشيء الذي اختلف المسلمون عليه واختلفت آثارهم من بعد ذلك هو أن كل الفرق الضالة القديمة لم ترفع رأسها إلى هذا القيد الثالث وهو: اتباع السلف الصالح، فخالفوا بذلك الآية التي ذكرتها آنفا مرارًا وتكرارًا، ثم خالفوا سبيل الله، لأن سبيل الله