Electronic Publishing of Translations of the Meanings of the Quran in Dawah Service
النشر الإلكتروني لترجمات معاني القرآن الكريم في خدمة الدعوة
خپرندوی
الكتاب منشور على موقع وزارة الأوقاف السعودية بدون بيانات
ژانرونه
النشر الإلكتروني لترجمات معاني القرآن الكريم
في خدمة الدعوة
الدكتور فهد بن محمد المالك
مقدمة:
الحمد لله القائل في محكم التنزيل: ﴿تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيرًا﴾ (الفرقان:١) والقائل أيضًا: ﴿إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ﴾ (الحجر:٩)، والصلاة والسلام على النبي الأمي، الهادي البشير والسراج المنير، القائل: «تركت فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا بعدي: كتاب الله وسنتي»
1 / 1
أما بعد: فكم كانت غبطتي وسروري عندما علمت بأن مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف يعتزم عقد ندوة تعالج أبحاثها قضية هامة وإنها تفوق العديد من القضايا المعاصرة، وذلك بحكم تخصصي الدقيق في هذا المجال، ولمعرفتي بالحاجة الماسة في العالم الإسلامي أجمع لعقد ندوات عدة حول هذه القضية الهامة، ألا وهي "ترجمة معاني القرآن الكريم"، فلقد ركزت العديد من المراكز الاستشراقية ومراكز الدراسات الشرق أوسطية في العديد من الجامعات الغربية دراساتها وبعض بحوثها حول ترجمة معاني القرآن الكريم، وذلك بقصد خدمة الأهداف التي يسعون إليها، أما العالم الإسلامي فهو غافل كل الغفلة عن هذه القضية، وكأنها من القضايا الجانبية التي لا تستحق بذل الجهود والدراسات حولها، وبنظرة سريعة إلى أعمال الترجمة للقرآن الكريم والكتابات حول هذا الموضوع نجد أن الغالبية العظمى قام بها أناس بعيدون كل البعد عن الفهم الإسلامي والدافع الديني الإسلامي.
ولعل هذه الندوة تكون - بإذن الله تعالى - باكورة لندوات ومؤتمرات مستقبلية تولي هذا الموضوع وهذه القضية الحساسة جزءًا من اهتماماتها، ولا سيما أنها تتعلق بكتاب الله ﷿.
1 / 2
وحيث إنني رشحت من قبل اللجنة المنظمة للكتابة عن المحور الخامس في هذه الندوة، وهو " المحور الدعوي" وتحديدًا في موضوع بعنوان: ترجمة معاني القرآن الكريم عبر التاريخ
" النشر الإلكتروني لترجمات معاني القرآن الكريم في خدمة الدعوة"
ونظرًا لأهمية هذا الموضوع وحساسيته وبخاصة أننا نعيش في عصر الانفجار المعلوماتي والمعرفي والعلمي، لذا فإنني أسأل الله ﷾ أن أوفق في المساهمة بهذا البحث البسيط في تقديم خدمة يسيرة لكتاب الله ﷾، وإيضاح أهمية النشر الإلكتروني لترجمات معاني القرآن الكريم في خدمة الدعوة ونشر الإسلام في أرجاء المعمورة.
وأختم مقدمتي هذه بدعاء الله ﷾ أن يوفق القائمين على هذا الصرح الشامخ " مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف" وأن يأخذ بأيديهم لكل ما فيه خير للإسلام والمسلمين، وأن يبارك في جهودهم في خدمة كتابه الحكيم.
1 / 3
١:١ ترجمة معاني القرآن الكريم عبر التاريخ
منذ عدة قرون كانت قضية ترجمة معاني القرآن الكريم من اللغة العربية إلى اللغات الأخرى واحدة من أهم القضايا التي طغت على الساحة الإسلامية، وانقسم الناس في ذلك إلى قسمين لا ثالث لهما، قسم يبيح الترجمة ويرى ضرورتها وأهميتها في خدمة الدعوة إلى دين الله الخالد، ولا سيما مع دخول أمم كثيرة من غير العرب في الدين الإسلامي وانتشار الإسلام في شتى بقاع المعمورة، وقسم آخر يرى عدم جواز الترجمة البتة، وأن كل من أراد فهم معاني القرآن الكريم عليه أن يتعلم اللغة العربية ويتقنها.
ولكن مع مرور الزمن وتوسع رقعة العالم الإسلامي، لم يعد الإقدام على مثل هذا العمل بدعًا من القول، ولم تعد الآراء المخالفة للرأي الأول مجدية؛ لأن الواقع قد فرض نفسه، وأصبح أمر الجواز محسومًا لا جدال فيه البتة.
من هنا - فلا غرو - إن قلنا: إن معظم لغات العالم المهمة اليوم -ولله الحمد والمنة- قد ترجمت إليها معاني القرآن الكريم، بل أصبحت المكتبات تعج وتموج بالعديد من الترجمات المختلفة التي قام بها أشخاص لهم ميول وتوجهات مختلفة بحسب أهوائهم واجتهاداتهم.
1 / 4
من كل ما سبق نرى أن مجال ترجمة معاني القرآن الكريم إلى اللغات الأخرى أصبح الآن من أهم مجالات الدعوة إلى الله ﷾، ومن أخصب طرق نشر الإسلام إلى أرجاء المعمورة كافة، وأكاد أجزم بلا أدنى تردد أن الإقدام على العمل في مثل هذا المجال من أفضل السبل ومن أعظم الخدمات التي يمكن أن يقدمها المرء خدمة لكتاب الله ﷾ متى ما تحلى ذلك بالدقة والأمانة وإخلاص النية لله ﷾ (١) .
وما النشر الإلكتروني لهذه الترجمات إلا باب من أبواب الدعوة إلى الله ﷾، ومجال خصب لنشر الدين الإسلامي في أرجاء المعمورة، وذلك للأسباب والمزايا التي سأوضحها في هذا البحث، وما هذه الدراسة المعنونة: " النشر الإلكتروني لترجمات معاني القرآن الكريم في خدمة الدعوة " إلا محاولة لتسليط الضوء على أهمية هذا الموضوع، وقد قسمت هذه الدراسة إلى ثلاثة مباحث، إضافة إلى هذه المقدمة، وسأتناول في هذه المباحث الموضوعات التالية:
المبحث الأول: ماذا نقصد بالنشر الإلكتروني؟ وما مزاياه وخصائصه؟
_________
(١) لمزيد من الإيضاح حول موضوع جواز الترجمة من عدمها، يمكن الرجوع إلى مقال د / فهد المالك، «نظرات في قضية ترجمة معاني القرآن الكريم» مجلة البيان الأعداد ٩٤، ٩٥، ٩٦، ٩٧.
1 / 5
المبحث الثاني: طرق استخدام النشر الإلكتروني لترجمات معاني القرآن الكريم في سبيل خدمة الدعوة إلى الله ﷾، وفوائد ذلك.
المبحث الثالث: الخلاصة والاستنتاجات والتوصيات المستفادة من هذه الدراسة.
1 / 6
١:١:٢ الشبكة العنكبوتية العالمية (World Wide Web)
تعد هذه الشبكة من أبرع التقنيات التي تم ابتكارها - حتى الآن - في مجال خدمات الإنترنت، إذ يستطيع مستخدمو هذه التقنية الحصول على معلومات مكتوبة أو مسموعة أو مرئية عبر صفحات إلكترونية تمثل كتيبًا إلكترونيا يتصفحه المستخدم من خلال جهازه الشخصي بمجرد نقل المؤشر إلى النص المكتوب الذي قد يكون متصلا بصوت أو صورة، حيث تقوم فكرة الشبكة العنكبوتية على أسلوب تقني يطلق عليه النص المحوري المرجعي (Hypertext) الذي يقوم بتنظيم العديد من المعلومات والبيانات المتاحة في موضوعات متعددة ومتشعبة ومشتتة (١) .
_________
(١) ندوة مستقبل النشر الإلكتروني العلمي، المجلة العربية للعلوم الإنسانية، عدد ٥٦ عام ١٩٩٦م.
1 / 7
٢:١:٢ النشر الإلكتروني Electronic Publishing
عند حاجتنا لتعريف النشر الإلكتروني يتوجب علينا قبل ذلك التعريج على النشر المكتبي (Desk Top Publishing - DTP) والذي يعرّفه أيمن السامرائي وعامر قنديلجي بتعاريف منها:
أنه استخدام الحواسيب المايكروية في الطباعة.
هو نظام إنتاج طباعي قليل الكلفة، له القدرة على تركيب وتشكيل وتجميع كل من النص المكتوب والمخطوطات والأشكال المرسومة على شاشة عالية الجودة (Highly Resoluted) مع برمجيات خاصة لهذا الغرض وضعت وصممت لجعل الطباعة عملية يمكن إتقانها والقيام بها من قبل أي شخص بعد تدريب بسيط.
٣- النشر المكتبي هو عبارة عن برمجيات خاصة مع حواسيب مايكروية وطابعات ليزرية غير مكلفة تنتج صفحات منظمة ومعدة بصورة جذابة يمكن من خلالها الحصول على خطوط بأنواع وأشكال مختلفة ومتنوعة وتنفيذها (١) .
أما شوقي سالم فيستعرض لنا النشر المكتبي من خلال جملة تعاريف منها:
_________
(١) أيمن السامرائي وعامر قنديلجي «النشر المكتبي الإلكتروني» رسالة المكتبة، م٣٠، ع ٣ (أيلول ١٩٩٥م) ص ٣٨.
1 / 8
هو تطبيق ناشئ للحواسيب المايكروية لتصميم وطباعة وثائق عالية الجودة بشكل كامل في المكتب ذاته دون إرسال أي معلومات أو أعمال طباعية إلى الخارج، أو عند الانتهاء من إعداد الصورة الأصلية للوثائق فيمكن عندئذ إرسالها إلى شركة طباعية لإنتاج كميات منها.
هو أحد تطورات نظم أجهزة معالجة النصوص التي تحولت من شكل آلي لتنفيذ الحروف إلى شكل إخراجي متميز بأحجام مختلفة من حروف الطبع مع مُسْتَوَى إِخْرَاجٍ قَدْ يَصْعُبُ حُتَّى عَلَى الْمُحْتَرِفِ الْقِيَامُ بِهِ بِمُسْتَوى الْحَاسِبِ نَفْسِهِ (١) .
ومن هنا يمكننا تعريف النشر الإلكتروني (EP) بأنه:
استخدام أجهزة وأنظمة تعمل بالكمبيوتر في الابتكار والإبداع والصف وإعداد الصفحات وإنتاج صفحات نموذجية وإخراجها كاملة ومنتهية.
وتتيح تقنيات النشر الإلكتروني الحديثة إمكان العرض السابق للصفحات، وتحريرها، وإعداد صفحات نهائية بأسلوب تفاعلي وهي لا تزال في صورة إلكترونية، وهو ما يعرف اصطلاحًا باسم "ما تراه تحصل عليه" (What you see is what you get) .
_________
(١) شوقي سالم، صناعة المعلومات: دراسة لمظاهر تقنية المعلومات المتطورة وآثارها على المنطقة العربية، الكويت، شركة المكتبات الكويتية، ١٩٩٠م ص ٢٢٧ -٢٢٩.
1 / 9
وتعد تقنيات النشر الإلكتروني (EP) تطويرًا لتقنيات النشر المكتبي (Desk Top Publishing) حيث أصبحت تشمل أنظمة النصوص المتلفزة مثل التيليتيكس (Teletext) الذي يمثل منظومة إلكترونية يتم بواسطتها نقل المادة المطبوعة عن طريق محطة تليفزيونية.
ويشير حسن أبو خضرة إلى أنه " تعود بداية النشر الإلكتروني إلى نهاية الستينات عندما بدأت بعض كبريات شركات النشر باستخدام الحاسوب في التنضيد الضوئي، وأظهر هذا الجيل الثانوي من الشريط الممغنط الذي أدى إلى إيجاد الدفعات والخدمات الآلية، وفي أواخر السبعينات قدمت أجهزة الحاسوب والاتصالات عن بعد فرصًا جديدة للنشر، أولها وأهمها أنها فتحت إمكان النشر الإلكتروني بناءً على الطلب (on demand) كما أصبح عمليًا تخزين نسخة من عمل بدلا من الاستماع إليه أو مشاهدته وكانت تلك البداية الحقيقية للنشر بناءً على الطلب". (١) وتشير جميع الدلائل إلى أن وسائل النشر الإلكتروني ستسحق الطباعة التقليدية معلنة سقوط "حضارة الورق" التي سادت المجتمع الإنساني منذ اختراع الورق عام ١٤٤٠م (٢) .
_________
(١) حسن أبو خضرة - النشر الإلكتروني - رسالة المكتبة ٢٣ (٣) أيلول ١٩٨٨م ص ٢٤.
(٢) نبيل علي «اللغة العربية والحاسوب» عالم الفكر - مج ١٨ - ع ٣ أكتوبر ١٩٨٧م ص ٦٢.
1 / 10
وقد دخلت الإلكترونيات عالم النشر باستخدام معالج الكلمات (Word processor) (١)، وأدى التطور السريع في مجال النشر الإلكتروني إلى ظهور أنواع جديدة من تقنية وسائل الإعلام، وإلى التأثير كذلك في تقنية الصحافة المطبوعة.
_________
(١) عبد الرزاق يونس - تقنية المعلومات وأثرها على التعاون العربي والدولي في مجال المعلومات (ورقة عمل مقدمة في اجتماع مسؤولي وخبراء المعلومات في الدول العربية) ٥ / ١٢ / ٨٨ - عمان المنظمة العربية للعلوم - ص ١٢.
1 / 11
٢:٢ أشكال النشر الإلكتروني
إذا كان أساس تقنية النشر الإلكتروني متنوعًا، فكذلك المنتجات التي نتجت عن استخدامها، لذلك فإن النشر الإلكتروني يأخذ صورًا منها:
بث خدمات غير تفاعلية (non-interactive) مثل التيليتكست.
خدمات تفاعلية (Interactive services) مثل الفيديوتكست، والبحث المباشر.
منتجات منفصلة مثل أسطوانات الفيديو، أشرطة الفيديو، البرمجيات.
غير ذلك مثل الصحف الإلكترونية، المنتجات المهجنة (١) .
_________
(١) Gurnsey، John - The Information Professions in the Electronic Age، London، Clive Bingley، ١٩٨٥، P ٣
1 / 12
٣:٢ مزايا النشر الإلكتروني وخصائصه:
لعل من أبرز مزايا النشر الإلكتروني وخصائصه ما يلي:
التفاعلية (Interactivity) حيث يؤثر المشاركون في عملية النشر الإلكتروني على أدوار الآخرين وأفكارهم ويتبادلون معهم المعلومات، وهو ما يطلق عليه الممارسة الاتصالية والمعلوماتية المتبادلة أو التفاعلية، فمن خلال منصات النشر الإلكتروني سيظهر نوع جديد من منتديات الاتصال والحوار الثقافي المتكامل والمتفاعل عن بعد، مما سيجعل المتلقي متفاعلًا مع وسائل الاتصال تفاعلا إيجابيًا.
اللاجماهيرية (Demassification) حيث يمكن توجيه النشر الإلكتروني إلى فرد أو مجموعة معينة من الأفراد.
اللاتزامنية (Asynchronization) حيث يمكن عن طريق النشر الإلكتروني القيام بالنشاط الاتصالي في الوقت المناسب للفرد دون ارتباط بالأفراد الآخرين أو الجماعات الأخرى.
الحركية (Mobility) التي تعني إمكان نقل المعلومات عن طريق النشر الإلكتروني من مكان لآخر بكل يسر وسهولة.
القابلية للتحويل (Convertibility) أي القدرة على نقل المعلومات عن طريق النشر الإلكتروني لها من وسيط لآخر.
1 / 13
الشيوع والانتشار (Ubiquity) بمعنى الانتشار حول العالم وداخل كل طبقة من طبقات المجتمع.
العالمية أو الكونية (Globalization) على أساس أن البيئة الأساسية الجديدة للنشر الإلكتروني ووسائل الاتصال والمعلومات أصبحت بيئةً عالمية.
القضاء على مركزية وسائل الإعلام والاتصال، إذ ستعمل الأقمار الصناعية على القضاء على المركزية في نشر المعلومات والبيانات، ولن يرتبط الناس بوسائل الإعلام من خلال المسافات الجغرافية فقط، وإنما سيرتبطون معا من خلال اهتماماتهم المشتركة.
زوال الفروق التقليدية بين وسائل نشر المعلومات المتمثلة في الصحف والكتب والمجلات، حيث أصبح مضمون أي وسيلة منها عن طريق النشر الإلكتروني متاحًا ومشاعًا في جميع الوسائل الأخرى وبأشكال وأساليب عرض وتقديم مختلفة ومتطورة.
1 / 14
أصبح النشر الإلكتروني والإنترنت بمنزلة مكان يعج بالناس والأفكار تستطيع زيارته والتجول في جنباته، مما أتاح إيجاد ما اصطلح على تسميته بعالم الواقع الافتراضي (Cyber Space) والذي يزيل حواجز المكان والمسافة وقيود الزمان بين مستخدميه، حيث يستطيعون التواصل فيما بينهم بصورة تكاد تكون طبيعية، بغض النظر عن المسافات والتوقيتات التي تفصل بعضهم عن بعض.
على المستوى العلمي والبحثي والجامعي فإن النشر الإلكتروني يتيح الفرصة أمام الباحثين والجامعيين إلى توجيه الجزء الأكبر من جهودهم إلى عمليات التحليل والتفسير والاستنتاج والتنبؤ والكشف عن الظاهرات والمتغيرات الجديدة - وهو ما يمثل العمود الفقري للعملية البحثية - وذلك بديل عما كان يحدث قبل ذلك من ضياع نسبة كبيرة من جهد الباحثين في الحصول على المعلومات، وهو ما سوف يؤدي إلى تطوير المعرفة وتحديثها في المجالات البحثية المختلفة، وازدهار الابتكار والبحث العلمي.
أن النشر الإلكتروني يضمن للجامعات ومراكز الأبحاث الجودة العالية للمخرجات المطبوعة التي أصبحت بتطور البرمجيات والطابعات، تضاهي كفاءة منتجات المطابع المحترفة وجودتها، بشكل يصعب التفريق بينهما أحيانًا.
1 / 15
ضمان الاقتصاد الملموس في الوقت والجهد والمال، فالمراحل المعروفة في إعداد النسخ للطباعة كالتنضيد والإجراءات والمتطلبات البشرية والمالية والأجهزة والمعدات التي تستهلكها هذه المرحلة قبل أن تصل النسخة إلى آلة الطباعة هي العامل المؤثر والمباشر في ارتفاع كلفة الطباعة في المطابع، والتأخير والأجور المرتفعة للأيدي العاملة الفنية، النشر الإلكتروني اختصر هذه العمليات كلها وأصبحت الكلفة الحالية تقدر بعُشْر كلفة الطباعة التقليدية.
السرعة العالية في الإنجاز مع ضمان الجودة والكفاءة العالية وبأقل جهد (١) .
_________
(١) انظر المراجع التالية: أ) د، سليمان الميمان: استثمار الإنترنت في الدعوة إلى الله. ب) أيمن السامرائي: النشر المكتبي الإلكتروني. ج) د. حسين أبو خضرة: النشر الإلكتروني.
1 / 16
٤:٢ الدعوة الإسلامية والنشر الإلكتروني:
مع تطور وسائل الاتصالات الحديثة أصبح العالم كالقرية الصغيرة التي يمكن التواصل بين أهلها والتأثير فيهم بسهولة ويسر، ولقد استغل أعداء الإسلام من اليهود والنصارى وغيرهم من ملل الكفر والإلحاد هذه التقنية الحديثة من إنترنت ونشر إلكتروني استغلالا سيئًا في خدمة عقائدهم الباطلة وفي سبيل تشويه صورة الإسلام والمسلمين، فهذا بابا الفاتيكان يهتم شخصيًا بالإنترنت والنشر الإلكتروني للنصرانية وأفكارها وعقائدها ويقول "يجب على الكنيسة أن تفيد من أي تطور تكنولوجي للتبشير بالنصرانية" (١)، بل وصل الأمر إلى أنه في عام ١٩٩٥م بدأ الفاتيكان بافتتاح موقع على الإنترنت خاص به، استغرق تصميمه وتنفيذه عدة سنوات، يوفر من خلاله النشر الإلكتروني لترجمات الإنجيل إلى جميع لغات العالم، إضافة إلى نشر معتقدات النصارى وأفكارهم كافة، كما أن اليهود قد صمموا مواقعهم الخاصة بهم وخلالها ينشرون أفكارهم وعقائدهم، وكذلك فعل الهندوس والبوذيون وملل أخرى كثيرة أخذت زمام السبق في استغلال تلك الوسيلة في خدمة مصالحهم ونشر ضلالاتهم.
_________
(١) الميمان: استثمار الإنترنت في الدعوة إلى الله.
1 / 17
ونحن أهل الإسلام وأهل الدين الخالد أولى وأحرى أن نقتحم غمار هذه التقنية الحديثة، ولا سيما أن الدين الإسلامي يحمل كل المقومات التي تجعله منصورًا دومًا في ميادين الحوار، كيف لا؟ وهو الدين الحق المبين الذي ارتضاه الله لخاتم الأنبياء والمرسلين.
﴿يَا أَهْلَ الْكِتَابِ قَدْ جَاءَكُمْ رَسُولُنَا يُبَيِّنُ لَكُمْ كَثِيرًا مِمَّا كُنْتُمْ تُخْفُونَ مِنَ الْكِتَابِ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ قَدْ جَاءَكُمْ مِنَ اللَّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُبِينٌ﴾ ﴿يَهْدِي بِهِ اللَّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلَامِ وَيُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ﴾ (المائدة:١٥-١٦) .
1 / 18
المبحث الثاني: استخدام النشر الإلكتروني لترجمات
معاني القرآن الكريم في خدمة الدعوة
الإنترنت والنشر الإلكتروني وسيلتان من الممكن استخدامهما وتطويعهما في الخير كما أنه يمكن استخدامهما في الشر، وقد ثبت أن النبي ﷺ استخدم كل وسيلة اتصال ممكنة في وقته لغرض الدعوة إلى دين الله ﷾ ونشره بين الناس، فقد استخدم الاتصال المباشر، فكان يقصد الناس في مجتمعاتهم وأسواقهم ويكلمهم ويدعوهم إلى الإسلام جماعات وأفرادًا، كما راسل ﷺ الملوك، واستقبل الوفود ينشر بينهم الدين الحق.
وفي هذا الإطار يقول الدكتور سليمان الميمان: " إن كل وسيلة تستخدم للدعوة إلى الله ينبغي أن يراعى فيها الشروط التالية:
عدم مخالفتها للشرع الحكيم، فيشترط في الوسيلة أن تكون غير محرمة شرعًا.
أن يكون المقصد الذي تفضي إليه تلك الوسيلة غير محرم.
1 / 19
ألا يترتب على استخدام تلك الوسيلة مفسدة تزيد على مصلحة هذا المقصد، فإذا كانت الوسيلة غير محرمة في ذاتها كالنشر الإلكتروني للترجمات، والمقصد منها واجبا وهو الدعوة إلى دين الله تعالى، ولا يترتب على استخدام هذه الوسيلة مفسدة أعظم من المصلحة المترتبة عليها، فعندها لا شك في وجوب استخدام تلك الوسيلة في ضوء (ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب) (١) .
إننا باستغلال وسيلة النشر الإلكتروني لترجمات معاني القرآن الكريم نسهل بذلك على ملايين المسلمين في شتى بقاع المعمورة التعرف على الدين الصحيح والرجوع إلى مصادره الأصلية، ومهما أنفق المسلمون في هذا المجال، فإن ذلك سيوفر عليهم الوقت والجهد والمال الكثير.
_________
(١) الميمان - «استثمار الإنترنت في الدعوة إلى الله» ورقة عمل مقدمة لندوة الكتاب الإلكتروني ١٤٢٠.
1 / 20