المبحث الثاني: نشأته
نشأ - أحسن الله مثواه - في جو يغلب عليه طلب العلم، وروح الفروسية، وقد نما وترعرع وشب متأثرًا بالوسط القبلي المحيط به؛ وهو وسط تحتضنه البادية، ويغلب عليه التنقل من مكان إلى آخر طلبًا للمناخ الأصلح. وإلى هذا يشير أحد مشايخ الجكنيين١ إذ يقول:
ونحن ركب من الأشراف مُنتظم أجل ذا العصر قدرًا دون أدنانا
قد اتخذنا ظهور العيس مدرسة بها نبين دين الله تبيانا
فهو يصف قومه بأنهم ركب" للدلالة على استمرار تنقلهم، ويرى أدنى فرد من قبيلته أعلى مكانًا من أعاظم رجال عصره، وأنهم مواظبون على مذاكرة العلم، لايمنعهم منه حل وترحال. إنه العلم الذي يثبت في القلوب دين الله، ويوضح لطالبيه أحكام الشريعة٢.
أما كرم الطبع في هذه القبيلة: "فهو سجية في جميعهم، وأمر يشب فيه الصغير، ويشيب عليه الكبير. وقد ألفوا الضيف لنجعة منازلهم. ومن عاداتهم إذا نزل وفد على بيت فإن أهل هذا المنزل يرسلون لأهل بيت المضيف حتى لو كان معدمًا غدًا واجدًا، ويرحل الوفد وهو في غاية الرضا.
وفي ذلك الجو، وفي تلك البيئة نشأ الأمين ﵀.
يخبر ﵀ عن أحداث فترة طفولته بقوله: "توفي والدي وأنا