دروب ما بعد الحداثه

بدرالدین مصطفی d. 1450 AH
65

دروب ما بعد الحداثه

دروب ما بعد الحداثة

ژانرونه

يعرف بدقة الحكم الجمالي ويميزه بوضوح عن الحكم العقلي والحكم العملي، ويجعله جسرا ضروري - وإن بدا إشكاليا - بين الاثنين. كان اكتشاف الجماليات كحقل معرفي متميز منفصل هو الإنجاز الأكبر للقرن الثامن عشر. وإذا أضفنا إلى ذلك تنامي «الذاتية» و«الفردية»، والتطورات الاجتماعية والاقتصادية والعلمية التي كانت تتصاعد وتيرتها على شكل طفرات، فإن آثار هذا كله مجتمعا قد أحدث تغيرات عديدة على مفهوم الفن، وعلى الممارسة الفنية، وعلى تصور الفنان لذاته ولفنه.

نستطيع أن نرقب هذه التحولات في تعريف بودلير

C. Baudelaire

للحداثة في دراسته المهمة «رسام الحياة الحديثة»

Le Peintre de la vie moderne

الصادرة عام 1863م يقول: «إن الحداثة هي المؤقت، وسريع الزوال، والجائز، هي نصف الفن؛ بينما الأبدي والثابت هو النصف الآخر.» فالفن وفقا لبودلير هو استخلاص السرمدي من العابر والزائل. هذا الزائل أو العابر لا يمكن للفنان: أن يتجاوزه: «هذا العنصر العابر والمنفلت، والذي تكون تحولاته جد متواترة، ليس من حقك ازدراؤه أو الاستغناء عنه. إنك بإلغائه ستسقط لا محالة في تجريد جمالي مستعص على التحديد ... كجمال المرأة الوحيدة قبل الخطيئة الأولى.»

7

ومثلما كان بودلير سريعا في رؤية ما إذا كان الدفق والتغيير، والتشتت والتشظي، قد شكلا القاعدة المادية للحياة الحديثة، فإن تعريفه السابق للفن الحداثي قد استند أيضا، وعلى نحو حاسم، إلى موقع الفنان في هذه العملية؛ ففي وسع الفنان الفرد تحدي الصيرورة تلك، أو التعايش معها، أن يحاول السيطرة عليها، أو السباحة في مياهها، إلا أنه لا يستطيع، في كل الأحوال، تجاهلها. وإذا عدنا إلى صياغة بودلير، فإننا نجده يعرض الفنان كشخص قادر على تركيز رؤيته على الموضوعات العادية للحياة المعاصرة، وعلى فهم خصائصها المتغيرة، ويستطيع مع ذلك أن يستخرج من اللحظة العابرة كل عناصر الخلود الكامنة فيها. كان الفنان الحداثي الناضج، وفقا لبودلير، هو ذلك الذي يستطيع العثور على الكلي الدائم، وأن «يقطر طعم خمر الحياة المر» من «أشكال الجمال العابر والزائل في حياتنا اليومية»، وبمقدار ما ينجح الفن الحداثي في ذلك، يصبح فنا لنا؛ إذ إنه وبدقة «الفن الذي يستجيب لسيناريو فوضانا.»

8

إن الحداثة في نظر بودلير - ووفقا لهابرماس

ناپیژندل شوی مخ