82
سيتلاشى مفهوم الجوهر من الخطاب ما بعد الحداثي ليحل محله مفهوم «التعددية» ... التعددية بكل أشكالها، تعددية الخطاب والمعنى والظاهرة والقوى؛ فالفلسفة وفقا لدولوز وجاتاري منطق للتكثر والتضاعف
logique de la multiplicité ،
83
تضاعف المعنى للشيء وللظاهرة الواحدة. وهذا التضاعف يرجعه دولوز إلى تتابع القوى والعلاقات التي تتناوب على الشيء الواحد «فكل خضوع وكل سيطرة تعادل تفسيرا جديدا.» من هنا يفسر دولوز صيحة نيتشه الشهيرة «لقد ماتت الآلهة» تفسيرا جديدا حينما يقول: «لقد ماتت الآلهة، ولكنها ماتت من الضحك عندما سمعت إلها يقول إنه الواحد.» لا يوجد حدث ولا ظاهرة ولا كلمة ولا فكرة إلا ومعناها متعدد؛ فأي شيء قد يكون هذا أو ذاك وأحيانا يكون شيئا أكثر تركيبا بحسب القوى التي يحوزها . من هنا لا يوجد معنى حقيقي للشيء الواحد، هناك تعددية ... وجهات للنظر ... تجاوبات مع الأحداث والوقائع ... فالظاهرة الواحدة لها أقنعة عديدة و«خلف كل قناع يكمن قناع آخر». وعلى الفلسفة أن تغزو هذه الأقنعة وأن تخترقها لا للوصول إلى جوهرها وأصلها، وإنما لكي تعطي لكل قناع معنى جديدا «أن تكتشف ما يتقنع ولماذا، ومن أجل أي هدف نحتفظ بقناع مع تعديل شكله في كل مرة.»
84
لقد أخذ فكر الاختلاف على الفلسفة الكلاسيكية إقصاء الآخر والاستحواذ عليه أنطولوجيا وإبستمولوجيا وسياسيا. ففي الوقت الذي كانت تقر فيه بأن العالم متعدد ومتنوع، فإنها تحاول دوما إلغاء تعدده وتنوعه في وحدة معنى تفترض أنها ثابتة. وإذا عرض عليها أن تفكر في المتعدد الاجتماعي فإنها ستؤكد أنه غير منسجم أو غير مستوى في وحدة واحدة، لكنها ستحاول أيضا أن توحده وتضمه في وحدة الدولة. منطق الفلسفة الكلاسيكية إذا هو «منطق التطابق»
logique de l’identité
سواء تعلق الأمر بتطابق الوعي أو الكوجيتو أو الذات أو الدولة. كل هذه المقولات مطلقة وبواسطتها تحولت الفلسفة إلى تقنية لاختزال الفوارق، وأداة نسقية موجهة نحو إلغاء التعارضات. غير أن الحلم يشكك في وضوح الوعي (دريدا)، والفن يدحض التمثيل (دولوز)، والمنبوذ يخترق الوحدة السعيدة للدولة (فوكو).
كان هيجل نموذج الفيلسوف الذي اجتمعت في فكره كل المقولات التي جاءت ما بعد الحداثة لتتبنى عكسها، إنه مثال للمفكر السلطوي الذي أراد أن يحكم مستقبل الفلسفة وهو يرقد في قبره. يقول كوجيف
ناپیژندل شوی مخ