دروب ما بعد الحداثه

بدرالدین مصطفی d. 1450 AH
121

دروب ما بعد الحداثه

دروب ما بعد الحداثة

ژانرونه

يرتبط مفهوم «موت المؤلف» عند بارت بفكرة أخرى أشار إليها ضمنا - ولم يعطها اصطلاحا - عندما وصف عملية الكتابة بأنها «امتزاج للكتابات»، وأن معنى النص «ما هو إلا تعددية لنظمه، وقابليتها اللامتناهية (الدائرية) للنسخ.»

118

وهو الوصف الذي أعطته جوليا كريستيفا

J. Kristeva

مصطلح «التناص»، ويعني أن أي نص في النهاية ما هو إلا تجميع واقتباس وتداخل مع نصوص أخرى سبقته؛ أي أنه في «فضاء النص تلتقي مجموعة من الملفوظات المأخوذة من نصوص أخرى، ويبطل أحدها مفعول الآخر.» ويوضح شلوفسكي

119

هذا بقوله: «كلما سلطت الضوء على حقبة ما، ازددت اقتناعا بأن الصور التي تعتبرها من ابتكار الشاعر إنما استعارها هذا الشاعر من شعراء آخرين وبدون تغيير تقريبا.» فلا يوجد نص أصلي، إنما النص هو تلاق بين النصوص، وكل نص هو امتصاص وتحويل لنص آخر. وفي ضوء ذلك، يكون هدف التفكيك - بحسب دريدا - البحث عن نص داخل نص آخر، وإحالة نص على نص، وبناء نص من نص آخر ... إلخ.

120

إحدى النتائج الهامة التي يمكن استخلاصها من موقف بارت وفلاسفة ما بعد الحداثة، بخصوص النص ودور المؤلف والقارئ، أنه في الوقت الذي كانت ترى فيه البنيوية أن الحقيقة قائمة وراء نص ما أو داخله، فإن ما بعد البنيوية تبرز أهمية التفاعل بين القارئ والنص في إنتاج الدلالة العامة لأي نص؛ وهكذا أصبحت القراءة إنجازا مبدعا، بعد أن كانت مجرد استهلاك أو تلق سلبي. لكن المشكلة أن منح القارئ هذه الأهمية لم يكن يتطلب بالضرورة «تهميش المؤلف» واعتباره «آلة ناسخة للكلمات»؛ فموت المؤلف هو في الأصل تهميش للإنسان ... لوجوده وفاعليته ... النص أنتج في غير زمان ومكان ومؤلف ... تهميش للإنسان ضد الاحتفاء به في الاتجاه الحداثي. لقد تم التعامل مع المؤلف وكأنه منتج لمجموعة من المنتجات الاستهلاكية التي لا يعني مستهلكيها من الذي أنتجها وما ظروف إنتاجها. يتحول المؤلف إلى منتج ثقافي ينتج المواد الخام فقط (الأجزاء والعناصر)، تاركا العمل مفتوحا للمستهلكين لإعادة تجميع هذه العناصر وبالطريقة التي يرغبون. النتيجة افتقاد التواصل والاستمرارية ... التواصل مع المؤلف، والاستمرارية داخل النص؛ «ففي وسع أي عنصر، في أي موضع، بحسب دريدا، كسر استمرارية أو خطية الخطاب، فيقود بالتالي إلى قراءة مزدوجة: قراءة للجزء مدركا في علاقته بالنص الأصلي، وقراءة أخرى له وقد خلط في كل جديد ومختلف. أما نتيجة ذلك فهي إخضاع أوهام الأنظمة الثابتة كلها للمساءلة والنقد.»

121

ناپیژندل شوی مخ