تآليفه، وتنوّعت تصانيفه، وذاع ذكره، وأضحى مقرّبا من أعيان الدولة يخالطهم ويحضر مجالسهم. وهذا ما يسّر له الاطّلاع على خزائنهم الخاصة، وبعض الرسائل الرسمية المحفوظة في دواوينهم، ممّا جعل كتبه معزّزة بشواهد قلّما توفّرت عند غيره من المؤرّخين، فقد صار المؤرّخ الرسميّ للدولة العباسيّة في تلك الحقبة من الزمن، والعمدة الذي يرجع إليه في نقل مجموعة من الأخبار الخاصّة بالدّولة، كبيعة الخلفاء ووفاتهم، وختان الأمراء وزواجهم، وتقاليد تعيين الوزراء والولاة والقضاة والكتّاب والحجّاب، وغيرها من الأحداث المهمّة في عصره (١).
سابعا: مؤلّفاته:
يعتبر عليّ بن أنجب الساعي من العلماء العرب الذين تميّزوا بغزارة التأليف، وبراعة التصنيف.
وإذا تأمّلنا عناوين كتبه، نجد أنّ الرجل ألّف في علوم مختلفة، كالحديث، والتاريخ، والتفسير، والفقه، والأدب، وغيره. فقد قضى ﵀ جزءا كبيرا من حياته في طلب العلم وتدوينه، شاهد ذلك ما قاله زكيّ الدّين عبد الله بن حبيب الكاتب: [السريع]
ما زال تاج الدّين طول المدى ... من عمره يعنق في السّير
في طلب العلم وتدوينه ... وفعله نفع بلا ضير
علا عليّ بتصانيفه ... وهذه خاتمة الخير (٢)
قال الظّهير الكازرونيّ في وصف مؤلّفاته: إنّها «كثيرة جدّا، وقر بعير. . .» (٣). وقال الإمام الذهبيّ في نفس المضمار: «وقد طوّل الكازرونيّ في ترجمته، وسرد تصانيفه، وهي كثيرة جدّا» (٤). وقد
_________
(١) ينظر ما نقله الكازروني والإمام الذهبي في تاريخهما وابن الفوطي في تلخيص مجمع الآداب، وابن كثير في البداية والنهاية والإربلي في خلاصة الذهب المسبوك وغيرهم.
(٢) البداية والنهاية:١٣/ ٢١٧.
(٣) تاريخ الذهبي:١٥/ ٢٧٩، والوافي بالوفيات:٢٠/ ١٥٩.
(٤) تذكرة الحفاظ:٤/ ١٤٦٩.
1 / 32