مفتقرًا إليه كيف وهو الغني ويوجب أيضًا له التنزه عن النقائص فيدخل في ذلك وجوب السمع له تعالى والبصر والكلام إذ لو لم يجب له هذه الصفات لكان محتاجًا إلى من يدفع عنه هذه النقائص كيف وهو الغني ويوجب أيضًا له تعالى تنزهه عن الأغراض في أفعاله وأحكامه وإلا لزم افتقاره تعالى إلى مايحصل غرضه كيف وهو الغني عن كل ماسواه وقد يمكن الاستغناء عن هذا بالمخالفة للحوادث إذ هو من أوجهه ويؤخذ منه أيضًا أنه لايجب عليه تعالى فعل شيء من الممكنات ولاتركه إذ لووجب عليه تعالى شيء منها عقلًا كالثواب مثلًا لكان تعالى مفتقرًا إلى ذلك الشيء ليتكمل به إذ لايجب في حقه تعالى إلا ماهو كمال له كيف وهو جل وعلا الغني عن كل ماسواه والغرض المنفي عنه تعالى عبارة عن وجود باعث يبعثه تعالى على إيجاد فعل من الأفعال أوعلى حكم الشرعية من الأحكام من مراعاة مصلحة تعود إليه تعالى أو إلى خلقه وكلا الوجهين مستحيل عليه لمايزم عليهما من احتياجه تعالى أن يتكمل بمخلوقه الذي يحصل غرضه ويؤخذ من استغنائه تعالى عن كل ماسواه أن لاتأثير لشيء من الكائنات في أثر مابقوة جعلها الله تعالى كالنار في الإحراق والماء في الري لأنه يصير حينئذ مولانا وجل عز مفتقرًا في إيجاد بعض الأفعال إلى واسطة وذلك باطل لماعرفت قبل من وجوب استغنائه تعالى عن كل ماسواه ووصفه تعالى بافتقار كل ماسواه إليه يوجب له تعالى الحياة وعموم القدرة والإرادة والعلم إذ لو انتفى شيء من هذه لماأمكن أن يوجد تعالى شيئًا عن الحوادث فلايفتقر إليه شيء كيف وهو الذي يفتقر إليه كل ماسواه ويوجب أيضًا له تعالى الوحدانية إذ لو كان معه تعالى ثان في ألوهيته لما افتقر إليه جل وعلا شيء للزوم عجزهما حينئذ كيف وهو الذي يفتقر إليه كل ماسواه ويؤخذ منه أيضًا أن لاتأثير لشيء من الكائنات في أثر مابطبعه وإلا لزم أن يستغني ذلك الأثر عن مولانا جل وعز كيف وهوالذي يفتقر إليه كل ماسواه عمومًا وعلى كل حال وبهذا يبطل مذهب القدرية القائلين بتأثير القدرة الحادثة في الأفعال مباشرة أوتولدًا ويبطل مذهب الفلاسفة القائلين بتأثير الأفلاك والعلل ويبطل مذهب الطبائعيين القائلين بتأثير الطبائع والأمزجة ويؤخذ منه أيضًا حدوث العالم بأسره إذ لو كان شيء منه قديمًا لكان ذلك الشيء مستغنيًا عنه كيف وهو الذي يجب أن يفتقر إليه كل ماسواه هذا حاصل ماذكره الولي الصالح سيدي محمد بن يوسف السنوسي نفعناالله به في عقيدته الصغرى فجزاه الله عن المسلمين خيرًا وملخصه بتقريب أن استغناءه تعالى عن كل ماسواه يوجب له ثمان صفات من الصفات الواجبة وهي الوجود والقدم والبقاء
1 / 72