هوبه لكان العلم جهلًا وقد أجمعت الأمة على وجوب معرفة الله تعالى ولو كانت مستحيلةً لما أجمعت عليه قيل وهو خلاف في حالٍ فإن من أثبت العلم بالحقيقة مقر بأنه تعالى لايحاط به ومن نفى مقر بأنه تعالى عرفه العارفون بدلالة الآيات وتحققوا أوصافه تعالى بواجب الصفات وتيقنوا تنزهه عن التشبيه بالمحدثات وتقدسه عن الحدوث والكيفيات قال الأستاذ أبوالحجاج الضرير مقررًا لنفي العلم بالحقيقة مثبتًا للعلم به تعالى من هذه الطريقة
ولايحيط عارف بذاته
علما كماقال ولاصفاته
ولو رآه خلقه تعالى
لأكثروا الإعظام والإجلالا
فدل ذلك أنه على صفه
من الجلال لم تنله معرفة انتهى
وظاهر أن هذا الخلاف في الدنيا والآخرة وفي جمع الجوامع للإمام السبكي مانصه. حقيقته تعالى مخالفة لسائر الحقائق قال المحققون ليست معلومة الآن واختلفوا هل يمكن علمها في الأخرة قال العراقي بعد أن حكى الخلاف في صحة العلم بحقيقته تعالى للبشر الآن في الدنيا وأن جمهور المحققين على عدم صحة ذلك وحكوا عن الشافعي أنه قال (من انتهض لطلب مدبره فانتهى إلى موجود ينتهي إليه فكره فهو مشبه وإن اطمأن إلى العدم الصرف فهو معطل وإن إطمأن إلى موجود واعترف بالعجز عن إدراكه فهو موحد) وهو معنى قول الصديق ﵁ (العجز عن الإدراك إدراك) وقد قيل
حقيقة المرء ليس يدركها
فكيف كيفية الجبارفي القدم
واحتج على ذلك أنه يمتنع أن يكون الكلي معلومًا للجزئي لأن الجزئي متناه والكلي غير متناه ثم من ذهب إلى تجويز ذلك في الدنيا فهو في الآخرة أشد تجويزًا ومن منعه في الدنيا اختلفوا هل يمكن إدراكه في الآخرة اهـ وفي شرح الكبرى وبالجملة فالمقطوع به بشهادة البراهين العقلية والقواطع السمعية أنه جل وعلا ذات قائم بنفسه أي مستغنٍ عن المحل والمؤثر لوجوب وجوده موصوف بما لايحاط به من صفات الجمال والجلال ليس بصفة من الصفات ولاجرماتجري عليه الحوادث والتغيرات ولاتمر عليه الأزمنة ولايتخصص بالجهات لايقبل اجتماعًا ولاافتراقًا ولاصغرًا ولاكبرًا لامثل له ولانظير ولاضد ولا وزير كل الممكنات مفتقرة إليه وهو الغني عن جميعها في الأزل وفيما لايزال وهو على كل شيء قدير كل ذلك شهدت به البراهين المنتهية إلى ضرورات العقول وطابق فيها المعقول المنقول ثم عجزت العقول بعد عن
1 / 47