وذكر الصاحب كمال الدين أن من أقاربه من كان متوليا أوقاف المسجد الجامع بحلب فجاءه إنسان لا يعرفه فطرق عليه الباب ليلا ودفع إليه ألف دينار وقال اصرف هذا في وجه بر ومعروف فأخذها وفكر في وجه بر يصرف ذلك المال فيه فوقع له أن يصرفه في عمارة مصنع يخنن فيه الماء من القناة فإن منابع حلب ماؤها مالح وكان العدو يطرق مدينة حلب كثيرا وإذا قطع منها ماء قناة حيلان يضر أهلها ضررا عظيما فرأى أن يعمل مصنعا في صحن الجامع مدفونا تحت الصحن وأن يوسعه بحيث أن يكون فيه ماء كثير فشرع في ذلك وحفر حفيرة عظيمة واسعة واشترى الحجارة والكلس وعقد المصنع وفرغ الذهب الذي حمل إليه ولم يتم المصنع فضاق صدره وتقسم فكره الطريق الذي يتوصل به إلى إتمام المصنع فطرق عليه طارق في الليل فخرج إليه فوجده ذلك الإنسان بعينه فدفع إليه ألفا أخرى وقال أتمم عملك بهذه فأخذها وتمم بها عمل ذلك المصنع فجا في غاية السعة والركانة ويأخذ معظم ما تحت صحن الجامع ويقال إنه لم يعرف أنه فرغ ماؤه و يستعمل منه السقاة والناس قال فجعل أهل حلب يطعنون على المتولي للوقف ويقولون ضيع أموال الجامع ويسعون فيه إلى صاحب حلب ويقولون إنه قد أضاع مال الوقف وأنفق منه في عمارة مصنع جملة وافية فطالبه بحساب وقف الجامع فرفعه إليه فتأمله وليس فيه ذكر درهم واحد مما غرمه على المصنع فقال له صاحب حلب الغرامة التي غرمت على هذا المصنع ما أرى لها ذكرا فقال
مخ ۸۴