وقد كان جماعة من بني أمية اختاروا المقام بناحية حلب وآثروها على دمشق مع طيب دمشق وحسنها وكونها وطنهم ولا يرغب الإنسان عن وطنه الا لما هو أفضل منه فمنهم هشام بن عبد المل ما انتقل إلى الرصافة وسكنها واتخذها منزلا إلا لما هو أفضل منه لصحة تربتها واختار المقام بها على دمشق ومنهم عمر بن عبد العزيز أقام بخناصرة واتخذها له منزلا ومنهم مسلمة بن عبد الملك سكن بالناعورة وابتنى بها قصرا وبناه بالحجر الصلد الأسود وبقي ولده به بعده وكان صالح بن عبد الله بن عباس قد ولي الشام جميعه فاختار حلب لمقامه وابتنى بظاهرها قصر بطياس وهو شرقي حلب من غربي النيرب وشماليها وولد له بها عامة أولاده كل هذا لما اختصت به هذه البلاد من الصحة والاعتدال وكذلك الحصانة فاختاروا المقام بحلب ترارا وجعلوها مسكنا لهم ودارا وهرقل على سعة مملكته واستيلائه على بلاد الروم وبلاد الشام جميعها اختار المقام بأنطاكية ولما فتحت قنسرين وسار نحو القسطنطينية التفت وقال عليك السلام يا سورية سلام لا اجتماع بعده وأهل حلب من أحسن الناس خلقا وخلقا وهم موصوفون بذلك وبالإحسان إلى الناس وأما أثارها ومساجدها ومعابدها فكثيرة جدا قيل إنه كان مكتوبا على حجر باليوناني على القنطرة التي على باب أنطاكية فاحضر رجل فقرأه ونسختها بنيت هذه المدينة بناها صاحب الموصل والطالع العقرب والمشتري فيه وعطارد يليه وله الحمد كثيرا وقيل وجد على حجر بقنسرين مكتوب آعليم بالعبرانية إذا كان الأمير وصاحباه وقاضي الأرض يدهن في القضاء فويل ثم ويل ثم ويل لقاضي الأرض من قاضي السماء وفي مدينة طرسوس حجر بحضرة دار مزاحم قديما مدور لاصق بالحائط مكتوب عليه سطور قرؤوها فوجدوا أن المكتوب عليه الحمد لله الوارث الخلق بعد فناء الدنيا كما عرفتني فإني ابن عم ذي القرنين عشت أربعمائة سنة وكسرا ودرت الشرق والغرب أطلب دواء للموت من أراد أن يدخل الجنة فليصل في هذا الدير عند العمود ركعتين ومن أراد صنعة العمد وآلتها فعليه بالقنطرة السابعة من جسر ازنة قال الوليد القاص أتيت أنطاكية فإذا أسود قد نبش قبرا فأصاب فيه صحيفة نحاس مكتوب فيها بالعبرانية فأتوا بها إلى إمام أنطاكية فبعث إلى رجل
مخ ۷۲