وهي حينئذٍ على ظرفِيتها خلافًا لمَنْ زَعَم أنَّها حينئذٍ حرفُ جرٍّ، وإنْ كان النحاس ادَّعَى الإِجماع في ذلك، وهي من الأسماءِ اللازمةِ للإِضافةِ، وقد تُقْطَعُ لفظًا فتنتصب حالًا غالِبًا، تقولُ: جاء الزيدان معًا أي مصطحِبَيْنِ، وقد تقع خبرًا، قال الشاعر:
١٩٨ - حَنَنَْتَ إلى رَيَّا ونفسُك باعَدَتْ ... مَزارَكَ مِنْ رَيَّا وشَعْبَاكُما مَعَا
فَشْعباكما مبتدأ، و» معًا «خبرُه، على أنه يُحتمل أن يكونَ الخبرُ محذوفًا، و» معا «حالًا. واختلفوا في» مع «حالَ قَطْعِها عن الإِضافة: هل هي من باب المقصور نحو: عصا ورحا، أو المنقوص نحو: يد ودم؟ قولان، الأولُ قولُ يونسَ والأخفشِ، والثاني قولُ الخليل وسيبويه، وتظهر فائدة ذلك إذا سَمَّيْنا به فعلى الأول تقول: جاءني معًا ورأيت معًا ومررت بمعًا، وعلى الثاني: جاءني معٌ ورأيت معًا ومررت بمعٍ كيَدٍ، ولا دليلَ على القولِ الأولِ في قوله:» وشَعْباكما معًا لأنَّ معًا منصوبٌ على الظرفِ النائبِ عن الخَبر، نحو: «زيدٌ عندَك» وفيها كلامٌ أطولُ من هذا، تَرَكْتُه إيثارًا للاختصارِ.
قوله: ﴿إِنَّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزِئُونَ﴾ كقوله: ﴿إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ﴾ [البقرة: ١١]، وهذه الجملةُ الظاهرُ أنها لا محلَّ لها من الإِعرابِ لاستئنافِها إذ هي جوابٌ لرؤسائِهم، كأنهم لمَّا قالوا لهم: «إنَّا معكم» توجَّه عليهم سؤالٌ منهم، وهو فما بالُكم مع المؤمنين تُظاهِرونهم على دينهم؟ فأجابوهم بِهذه الجملةِ، وقيل: محلُّها النصب، لأنها بدلٌ من قولِه تعالى: «إنَّا معكم» . وقياسُ تخفيفِ همزةِ «مستهزئون» ونحوِه أن تُجْعَلَ بينَ بينَ، أي بين الهمزةِ والحرفِ الذي