الأمر الثاني: مما غر هذا القائل هو ما سرده الإمام عليه السلام في الرسالة من الإشكالات التي طلب حلها وإقامة الأدلة عليها، وأجبت عن ذلك بما ملخصه: أن الإمام صاحب آيات، وسباق غايات، جمع شتيت الإشكالات الممكنة على أدلة الإمامة التي اعتمدها الأصحاب، وطلب الدليل، وإيضاح السبيل، من أهل الاجتهاد والتحصيل .
وهذا العمل يدل على أمور:
الأول: أنه يدل على قوة علم وفهم ثابت راسخ قدير على الإصدار والإيراد.
الثاني: أنه يدل على إيمان راسخ، وطلب للحق، وطلب للخلاص في المسائل الأصلية ليكون اعتقاده عن يقين لا تزعزعه الشبه، لأنه إذا عرف الدليل وعرف الشبهة الواردة على الدليل، وعرف نقض تلك الشبهة، كان اعتقاده صحيحا لم تعصفه عاصفات الشبه، كيف لا والإمام المؤيد بالله (ع) لم يستجز أن ينام عندما عرضت له شبهة في بعض أدلة المسائل الأصلية حتى خرج إلى بيت قاضي القضاة، والقصة معروفة في سيرته.
الثالث: أن مباحثات العلماء ومجاثاة الركب، مما يشحذ الذهن، وينير القلب، ويصفي السريرة، مع أن السؤال هو المأمور به ( فاسألوا أهل الذكر) [الأنبياء:7]، وقد حصل بهذه المباحث فوائد جمة.
ثم إنا نقول: إن السؤال والطرح وفرض ما يرد من الإشكالات لا يؤخذ من ذلك مذهب السائل، فلو سأل سائل عن المني هل هو طاهر أم نجس؟ لم يؤخذ منه مذهب للسائل، لأن ذلك استفسار فقط.
نعم ميلنا إلى الاختصار تخفيفا فلنعد إلى تفنيد زعم هذا القائل بسرد نقولات من كلام الإمام(ع) يبين ويوضح المطلوب أن مذهبه ليس كما زعمه هذا القائل أن أدلة الإمامة ظنية، وأنها فرعية اجتهادية.
قال الإمام (ع) في (العناية التامة ص53): وقد شاع في كثير من النواحي والبقاع أنا نقول بأنها اجتهادية، ويكاد يشنع علينا بذلك من في قلبه مرض، أو له في التشنيع غرض، وتشنيعهم من وجهين:
أحدهما: اعتقاده أن هذا خلف من العدل، وخطل من الرأي، وزلل في الاعتقاد.
مخ ۹