ولعمري أن هذا من الغرور العظيم المصادم لنظر الشارع الحكيم، ولو كان مثل هذا الغرض مقصودا لنبه الشرع الشريف عليه، ولأومى العليم الخبير ورسوله السراج المنير إليه، وما أبعد هذا عما ذكره المؤيد بالله قدس الله روحه، وهو مذكور عنه في (الإفادة)، لما كتب إليه بعض أصحابه يلومه على تسويغ صرف الزكاة إلى نافي إمامته، ويشير إلى أن في ذلك توهينا لأمره وتسهيلا لإطراحه وهجره، فأجاب أعاد الله من بركاته بالتشنيع الكبير على صاحبه، وعرفه بأنه لا يترك مذهبه لما يعود عليه من النفع، واستهجن مثل ذلك النظر ووبخ صاحبه عليه، ومن أراد مطالعته، فهو مثبت في حواشي هذه النسخة، مع أن بين المسألتين فرقا.قوله: فإن صرف الزكاة إلى غير نافي إمامة الإمام لا تفوت به فضيلة، بل هو أفضل، وأما ترك الجماعة لكون إمامها نافيا، فترك للفضيلة، ويقرب اعتقاد لزومه من مخالفة الإجماع.
قوله: ذو جرأة في دينه.
يقال: وجه الإحتجاج صحيح في حق ذي الجرأة على فعل القبيح، ولكنه يدل بمفهومه دلالة بينة على أن نافي إمامة الإمام متثبتا في أمر دينه لا تمتنع الصلاة خلفه لعدم جرأته بل لكونه على ضدها، وإن فرضنا كون ذلك فسق تأويل، لعدم حصول علة النهي، وأما قياسه على فاسق الجوارح، فلا يصح لعدم العلة المنبه عليها، وهي الجرأة، والله أعلم.
قوله: فمبني على أصله في عدم تكفيرهم وتفسيقهم.
وفي هذا نظر، لأن الإمام يحيى عليه السلام ذكر ذلك على أصل أهل المذهب في تكفيرهم، ونص على صحة الصلاة خلفهم عند المكفرين، وأفتى بذلك على قاعدتهم، والمسألة منصوصة له في (البحر) وأما على أصله فهو مستغن عن ذكر ذلك، والله سبحانه أعلم بالصواب، وهو حسبنا وكفى وسلام على عباده الذين اصطفى.
مخ ۲۹۸