إذا تقرر هذا فمعلوم أن أكثر المعتزين إلى الأئمة القائلين بإمامتهم، الممتثلين لأوامرهم ونواهيهم، المترتبة على صحة الإمامة وثبوتها؛ لم يقدموا على ذلك لنظر اقتضاه، ولا لدليل أوصلهم إليه، بل ربما أن الجم الغفير منهم لا يعرفون معنى الإمامة وحقيقتها، فكيف بدقائق مسائلها وغوامضها الحائرة فيها أفهام وأرباب العقول، والمتعارضة فيها أقوال الأيقاظ منهم والفحول؟ فكيف يحسن إقرار هؤلاء الجهلة على ذلك، وعدم تنبيههم على ما هو اللائق من النظر الصحيح المطابق، ونظير هذا ما عليه جميع الأئمة" المتقدم منهم والمتأخر من أمر العامة بتسليم الحقوق إليهم دون أن يأمروهم بتقديم النظر في صحة إمامتهم، وأن ينبهوهم على أنهم مأخوذون فيها بتحرير الأدلة، وفهم السبب في ذلك والعلة، وليس لقائل أن يقول: كثير من المسائل القطعية يصح التقليد فيها. فإنا نقول: ذلك لا يصح إلا فيما كان منها عمليا لا يترتب على علمي، ومسائل الإمامة ولواحقها -من اعتقاد إمامة إمام معين، ووجوب طاعته، وتسليم الحقوق إليه- ما بين علمية وعملية تتوقف على العلم.
مخ ۲۳۱