ولم يزل الهادي والمهدي مصطحبين، متواصلين، متجاملين، متراحمين، تدور بينهما مكاتبة ومراسلة، والمهدي بعد ذلك الموقف كالمتنحي وإن لم يظهر ذلك ولا يقطع(1) يده عن التصرفات بالكلية، بل ترك التلقب بأمير المؤمنين، وطوى ذلك من علامته، وإذا عرض عليه أحد ممن قد أجاب الهادي وبايعه أن ينحرف إليه أبى ذلك، وإذا خاض في صلح بين القبائل المتكادين وصعب الأمر عليه صرفهم إلى الهادي، وإذا طعن أحد على الهادي ذب عنه وأجاب على المطاعن، كما كان منه في شأن أحمد بن قاسم الشامي(2) ، وكان من شيعة الهادي، ثم نفر ولفق مناقشة في السيرة، قضى بذلك منه عدم صلاح السريرة، ومر على المهدي كالمتحف له بذلك، فأجاب عن اعتراضه ولم يطلعها واحدا، واحدا وانقلب الشامي من عنده خائبا.
مخ ۱۶۱