فإن عجزنا عنها.. كافأناه بالدعاء، فأرشدنا لمّا علم عجزنا عن مكافأة نبينا إلى الصلاة عليه ﷺ، لتكون صلاتنا عليه مكافأة بإحسانه إلينا، وإفضاله علينا؛ إذ لا إحسان أفضل من إحسانه ﷺ اهـ
وقال جمع: فائدتها للمصلي لدلالتها على نصوح العقيدة، وخلوص النية، وإظهار المحبة، والمداومة على الطاعة، والاحترام للواسطة الكريمة، فهي محبة له، وتوقير من أعظم شعب الإيمان، لما فيها من أداء شكره الواجب علينا، لعظيم منّته علينا بنجاتنا من الجحيم، وفوزنا بالنعيم المقيم، فالمصلّي داع ومكمّل لنفسه حقيقة؛ لأنا إذا صلّينا عليه ﷺ.. صلى الله علينا، ولأنا إنما نذكره بإذكار الله ﷿ لنا، فهو الذاكر في الحقيقة، ومن أحبّ شيئا.. أكثر من ذكره.
والحاصل: أن في الصلاة عليه ﷺ فائدة له بطلب زيادة ما مرّ له بزيادة درجاته فيه؛ إذ لا غاية لفضل الله تعالى وإنعامه، وهو ﷺ لا يزال دائم الترقّي في حضرات القرب، وسوابغ الفضل، فلا بدع أن تحصل له بصلاة أمته زيادات في ذلك لا غاية لها ولا انتهاء «١»، وفائدة للمصلّي بحصول ما مرّ له.
ومن حصر الفائدة في الثاني.. إنما أراد بذلك تنبيه المصلّي، وحثّه على تحصيل الكمال المسبّب له عن صلاته، ولم يرد خلوّها عن فائدة تحصل له ﷺ منها، ومن أراد ذلك- كما أومأ إليه كلام بعضهم-.. فقد شذّ وأبعد واستروح وتقوّل، وكيف! وهو ﷺ يقول في الحديث المشهور: «ثم سلوا الله لي الوسيلة؛ فإنها لا تكون إلا لعبد،
_________
(١) في هامش (ج): (البدع- بكسر الباء وسكون المهملة-: الأمر الذي يكون أولا، والغاية في كل شيء. ومعنى قوله: «فلا بدع أن تحصل له بصلاة أمته زيادات» أي: ليس بأمر أول من أموره ﷺ حصول زيادات ذلك، هذا إذا كان بمعنى أمر أول، وإن كان بمعنى غاية.. كان المعنى: ليس بغاية أمره ﷺ حصول زيادات، بل آخر أمره وغايته غير ذلك مما يليق بقدره) .
1 / 48