(والصواب عندي: أن الصلاة لغة بمعنى واحد وهو العطف، ثم هو بالنسبة إليه تعالى الرحمة، وإلى الملائكة الاستغفار، وإلى الآدميين دعاء بعضهم لبعض) اهـ
وقرىء بالرفع «١»، وعليه فيحتمل أنه عطف على محل اسم (إن) «٢»، و(يصلون) خبر عنهما، وأن يكون (يصلون) خبر الملائكة، وخبر الجلالة محذوف، وهو مذهب البصرييّن لما مرّ «٣»، ولئلا يتوارد عاملان على معمول واحد، ولئلا يلزم الاشتراك والأصل عدمه، ولأنا لا نعرف في العربية فعلا واحدا يختلف معناه باختلاف المسند إليه إذا كان الإسناد حقيقة.
وبما قدّمناه من وضعها للقدر المشترك يردّ الأخيران؛ إذ لا اشتراك حينئذ، ولا اختلاف باختلاف المسند إليه.
ثم القول بأن الضمير لله ﷿ وملائكته.. لا ينافيه قوله ﷺ لمن قال: من يطع الله ورسوله.. فقد رشد، ومن يعصهما.. فقد غوى: «بئس خطيب القوم أنت، قل: ومن يعص الله ورسوله» «٤» وذلك لأن حكمة التشريك هنا: أن هذا قول من الله ﷿ شرّف به ملائكته، فلا يتوهم منه نقص البتّة، ومن ثمّ جمع ﷺ نفسه مع ربّه في قوله: «لا يؤمن أحدكم حتى يكون الله ورسوله أحبّ إليه مما سواهما» «٥»، وأما الخطيب.. فمنصبه قابل للزّلل، فنطقه بهذه العبارة ربّما يتوهم منه- لنقصه- أنه إنما جمع بينهما في الضمير لتساويهما عنده.
_________
(١) وهي قراءة شاذة قرأ بها أبو عمرو من رواية عبد الوارث.
(٢) أي: باعتبار محله قبل دخول (إن)، وهو منسوب إلى الكوفيين وبعض البصريين، انظر «حاشية الصبّان على الأشموني» (١/ ٢٨٤) .
(٣) قوله: (وأن يكون «يصلون» خبر الملائكة ...) هذا هو الاحتمال الثاني في إعراب قراءة الرفع، ومراد المؤلف رحمه الله تعالى: أنّ (الملائكة) مرفوع على الإبتداء، وجملة (يصلون) خبر عنه، ففي العبارة اختصار.
(٤) أخرجه مسلم (٨٧٠)، والنسائي (٦/ ٩١)، وأحمد (٤/ ٢٥٦) .
(٥) أخرجه أحمد (٣/ ٢٧٨) .
1 / 46