145

Duroos of Sheikh Abdullah Al-Jalali

دروس للشيخ عبد الله الجلالي

ژانرونه

سبب النشأة الصالحة في بيوت المؤمنين
والبيوت هنا هي المساجد، وقال من قال من علماء المسلمين: المراد بها بيوت المؤمنين.
ففي بيوت المؤمنين أيضًا يتربى الرجال الصالحون، والطفل ينشأ فيها بذرة صالحة لسببين: السبب الأول: التربة الصالحة، وهي الزوجة.
السبب الثاني: المكان الصالح، وهو بيت المؤمن، أو بيوت الله ﷿، وهي المساجد.
والأقرب أن يكون المراد بها المساجد؛ لأن المساجد هي التي تربي لنا الرجال، فكم ربى مسجد رسول الله ﷺ من الأمة الإسلامية.
إنه مسجد صغير مبني من جذوع النخل، مسقف بالجريد، لكنه أخرج لنا أكبر دولة عرفها التاريخ، امتدت حدودها من الصين شرقًا، إلى المحيط الأطلسي غربًا، وتربى هؤلاء الذين بنوا هذه الدولة في مسجد رسول الله ﷺ، والجيوش كانت تتدرب في مسجد رسول الله ﷺ، والعلم كان المسلمون ينهلون منه في مسجد رسول الله ﷺ، والأطفال كانوا يتربون في ذلك المسجد، والرجال كانوا يترعرعون في هذا المسجد.
إذًا: هذه المساجد التي كان لها ما كان في صدر الإسلام هي التي سوف توجد الرجال الذين سوف يخدمون الحياة، ويعيدون للأمة الإسلامية مجدها وعزتها وكرامتها في نفس هذه المساجد، ولذلك يقول الله تعالى: (فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ)، وقوله (أذن) معناها: أمر وأوجب ووصى، ولذلك استدل العلماء من قوله تعالى: (أذن) على وجوب بناء المساجد على المسلمين، فلو تركت المساجد ولم يساهم فيها المسلمون وتعطلت فإن جميع المسلمين يأثمون، وإذا قام بذلك من يكفي من المسلمين سقط الإثم عن البقية، ويكون الأجر لمن ساهم في بناء بيوت الله، ولذلك جاء في الحديث عن رسول الله ﷺ أنه قال: (من بنى لله مسجدًا ولو كمفحص قطاة، بنى الله له بيتًا في الجنة) يعني: أن بيتًا صغيرًا في الدنيا يساوي بيتًا في الجنة التي يقول عنها النبي ﷺ: (لموضع سوط أحدكم في الجنة خير من الدنيا وما عليها).
إذًا بناء المساجد أمر مطلوب يلزم المسلمين أن يقوموا به، وخيرهم من يبني مسجدًا أو من يساهم في بناء مسجد، سواء كان بمال أو بجهد أو بكلمة على الأقل، أو بأي مساهمة من المساهمات؛ فإن هذه هي بيوت الله ﷿ في الأرض، فمن ساهم فيها فله الأجر عند الله ﷿، ولذلك أنا أنصح كل من منَّ الله عليه بشيء من المال ألا يؤخر هذا المال ليكون وصية بعد الموت، وأن يبادر في حياته ليرى عمله وهو صحيح شحيح، يأمل الغنى ويخشى الفقر، ولا يمهل حتى إذا بلغت الروح الحلقوم قال: لفلان كذا، ولفلان كذا، وقد كان لفلان! وأنا أرى كثيرًا من الناس عندهم أموال كثيرة والحمد لله، ويفكرون بالوصية بعد الموت، ولربما تكون هذه الوصية غير الوصية التي يستفيد منها المسلمون، كأضاحي وما أشبه ذلك، فأنا أنصح هؤلاء أن يقدموا لأنفسهم في هذه الحياة، فيبني أحدهم لنفسه مسجدًا ليكون بيتًا له في الجنة، أو يساهم في بناء مسجد ولو بمبلغ قليل، والله ﷿ يضاعف لمن يشاء.

5 / 10