تقديس آراء الرجال
المصدر الثاني عند العقلانيين هو متفرع عن المصدر الأول، لكن له بعض الخصائص، وهو تقديس آراء الرجال وكلام الزعماء والمقدسين فيهم، وتقديمهم على كلام الله وكلام رسوله.
فأهل الفرق وأهل الهوى إلى الآن إذا جاءتهم آية من كلام الله أو حديث عن رسول الله ﷺ ربما يقول بعضهم: نعم هذا حق، لكن لابد أن أرجع إلى رأي الزعيم فلان أو الشيخ فلان ماذا يقول في الآية أو في الحديث؟ أو لابد أن يرجع إلى القواعد والمناهج التي وضعها الزعماء والرؤساء الذين يرجع إليهم، فمثلًا: أصحاب الطرق الصوفية إذا جاءتهم آية أو حديث يرجعون إلى الولي وإلى شيخ الطريقة ماذا يقول في الآية والحديث؟ والمعتزلة إذا جاءتهم آية أو حديث رجعوا إلى قول النظام أو المريسي أو القاضي عبد الجبار أو نحوهم ليروا ماذا يقولون؟ فإن كان قولهم يوافق الكتاب والسنة أخذوا به، وإن عارض الكتاب والسنة ردّوا نصوص الكتاب والسنة، هذا منهجهم، يعني: تقديم آراء الرجال، ولا يزال هذا المنهج في العقلانيين من العلمانيين والحداثيين حتى الآن، يأخذون من النصوص والأصول الشرعية ما يوافق القواعد والاتجاهات التي هم عليها، وما يعارضها إما يصرفون النظر عنه، أو يقولون فيه قولًا يؤدي إلى الرد.
أيضًا هناك مصادر مشتركة بين العقلانيين القدامى والمحدثين، وهناك مصادر انفتحت على المسلمين أخيرًا وهي مصادر جديدة يأخذ بها العقلانيون، ولم يتوصل إليها القدامى، وهي زيادة في الضلالة.
4 / 10