د درر په لنډولو کې د غزاوو او سیرونو
الدرر في اختصار المغازي والسير
پوهندوی
الدكتور شوقي ضيف
خپرندوی
دار المعارف
د ایډیشن شمېره
الثانية
د چاپ کال
١٤٠٣ هـ
د خپرونکي ځای
القاهرة
بَاب ذكر الْهِجْرَة ١ إِلَى الْمَدِينَة *
فَلَمَّا تمت بيعَة هَؤُلَاءِ لرَسُول اللَّهِ ﷺ لَيْلَة الْعقبَة، وَكَانَت سرا، على كفار قَومهمْ وكفار قُرَيْش أَمر رَسُولُ اللَّهِ ﷺ من كَانَ مَعَه من الْمُسلمين بِالْهِجْرَةِ إِلَى الْمَدِينَة أَرْسَالًا٢ فَقيل: أول٣ من خرج أَبُو سَلمَة بْن عَبْد الْأسد المَخْزُومِي وحبست عَنهُ امْرَأَته أم سَلمَة بنت
_________
١ انْظُر فِي الْهِجْرَة إِلَى الْمَدِينَة ابْن هِشَام ٢/ ١١٢ وَابْن سعد ج١ ق١ ص١٥٢ وَمَا بعْدهَا وصحيح البُخَارِيّ ٥/ ٥٦ والطبري ٢/ ٣٦٩ وَابْن حزم ص٨٥ وَابْن سيد النَّاس ١/ ١٧٣ وَابْن كثير ٣/ ١٦٨ والنويري ١٦/ ٣٢١ والسيرة الحلبية ٢/ ٥٤.
* يُقَال إِن الْمَدِينَة مَذْكُورَة فِي التَّوْرَاة بطابة. قَالَ: أوحى الله إِلَى طابة: يَا طابة يَا مسكينة لَا تقبلي الْكُنُوز فَإِنِّي أرفع أجاجيرك "سطوحك" على أجاجير الْقرى. وَهِي الْمدْخل الصدْق فِي كتاب الله تَعَالَى، قَالَ الله سُبْحَانَهُ: ﴿رب أدخلني مدْخل صدق وأخرجني مخرج صدق وَاجعَل لي من لَدُنْك سُلْطَانا نَصِيرًا﴾ . الْمخْرج الصدْق: مَكَّة، والمدخل الصدْق: الْمَدِينَة، وَالسُّلْطَان النصير: الْأَنْصَار. وَفِيه دَلِيل وَاضح على تَفْضِيل الْمَدِينَة، لِأَن الله ابْتَدَأَ بهَا، وَكَانَ الْقيَاس أَن يبتديء بِمَكَّة، لِأَنَّهُ خرج مِنْهَا قبل أَن يدْخل الْمَدِينَة، وَأَيْضًا فبالمدينة جعل لَهُ سُلْطَانا نَصِيرًا، وَأَيْضًا فيأبى الله إِلَّا أَن ينْقل نبيه إِلَّا إِلَى مَا هُوَ خير. قلت: وَاخْتلف الْعلمَاء فِي حكم الْهِجْرَة حِينَئِذٍ وَكَيف كَانَ؟ فَقيل: كَانَت الْهِجْرَة شرطا فِي الْإِسْلَام، فَمن لم يُهَاجر وَلَا عذر لَهُ وَمَات على ذَلِك مَاتَ كَافِرًا. وَقيل: بل كَانَت وَاجِبَة مُؤَكدَة من قَوَاعِد الدَّين. ثمَّ اخْتلفُوا فِي حكمهَا على من وجت عَلَيْهِ أَولا هَل اسْتمرّ بعد الْفَتْح أَو لَا؟ وَلَا خَفَاء فِي أَن غير الْمُهَاجِرين الْأَوَّلين لم يخاطبوا بِالْهِجْرَةِ بعد الْفَتْح، وَفِيهِمْ جَاءَ الحَدِيث: "لَا هِجْرَة بعد الْفَتْح وَلَكِن جِهَاد". وَظَاهر قَوْله تَعَالَى: ﴿وَالَّذين آمنُوا وَلم يهاجروا مَا لكم من ولايتهم من شَيْء حَتَّى يهاجروا﴾ أَن الْهِجْرَة كَانَت شرطا فِي الْإِسْلَام، وَهُوَ ظَاهر قَوْله ﵇: "وَلَكِن البائس سعد بن خَوْلَة" [من الْمُهَاجِرين وَقد شهد مَعَ الرَّسُول سَائِر الْمشَاهد وَتُوفِّي بِمَكَّة فِي حجَّة الْوَدَاع، وَقد وَصفه الرَّسُول بالبائس لِأَنَّهُ مَاتَ فِي الأَرْض الَّتِي هَاجر مِنْهَا] يرثي لَهُ رَسُول الله ﷺ أَن مَاتَ بِمَكَّة، وَقد استرسل الْمُعَلق هُنَا يَقُول:
وَإِطْلَاق الْبُؤْس عَلَيْهِ بعد الْمَوْت يدل على أَن الخاتمة لم تكن على الْإِسْلَام لِأَن الْمُسلم لَا بؤس عَلَيْهِ إِن شَاءَ وَلَا سِيمَا بؤس يسْبق لَهُ فِيهِ اسْم وَالله أعلم.
وَهُوَ غلط وَاضح فِي الاستنتاج، لِأَن سَعْدا كَانَ من الْمُسلمين الْأَوَّلين، وَمِمَّنْ هَاجرُوا إِلَى الْحَبَشَة، وَشهد بَدْرًا وَغَيرهَا من الْمشَاهد. وَإِنَّمَا تعلق بِهِ الْبُؤْس لِأَنَّهُ لم يمت فِي دَار هجرته، وَيدل على ذَلِك قَوْله ﷺ: "اللَّهُمَّ أمض لِأَصْحَابِي هجرتهم، وَلَا تردهم على أَعْقَابهم". وَانْظُر الِاسْتِيعَاب ص٥٦٦.
٢ أَرْسَالًا: جماعات.
٣ وَفِي بعض الرِّوَايَات أَن أول الْمُهَاجِرين مُصعب بن عُمَيْر.
1 / 75