الثاني: عدم الحرج في الفعل والترك، أي: الذي تساوى طرفاه [بإذن] (١) الشارع الذي هو أحد الأقسام الخمسة، وهو الذي نفاه الغزالي؛ لأنه قال: الواجب لا يتضمن الجواز (٢).
فإن حقيقة الجواز التمييز بين الفعل والترك، والتساوي بينهما بتسوية الشرع، ولا نزاع لأحد في ذلك إذ الجواز بهذا المعنى قسيم للواجب، فكيف يكون جزءًا منه؛ وأما الجواز بالمعني الأول، فهو جنس للواجب، والمندوب، والمباح، والمكروه إذ كل من الأحكام المذكورة مركب من الجنس (٣) المذكور، وفصل يميزه.
وقد علم أن المركب ينتفي بانتفاء أحد أجزائه، ولا يشترط انتفاء الأجزاء كلها.
فإذا نسخ الوجوب -أي: رفع عن المكلف لزوم الفعل الذي هو فصل الوجوب وحصل الإذن في الترك- بقى الجواز الشامل للمندوب والمباح والمكروه.
(١) سقط من (ب) وأثبت بهامشها.
(٢) راجع: المستصفى: ١/ ٧٣ - ٧٤.
(٣) هو الأذن في الفعل؛ لأنه قدر مشترك بين الإيجاب، والندب، والإباحة، وكل واحد منها إنما يوجد بفصله، وفصل الإيجاب المنع الجازم من الترك، فإذا ارتفع خَلَفه فصل آخر يقوم به الجنس، وإلا ارتفع الجنس، والفرض خلافه.
راجع: حاشية البناني على شرح الجلال المحلي: ١/ ١٧٤.