ولا شكوتُ ضيرك، ولا تمنيْتُ غيرك، ولم أرد إليك شرها، ولم أجد لك في الرجال شبهاُ، وليس لقضاء الله مدفع، ولا من حُكْمه مُمْتنع، ثم افترقنا!!
قيل: ينبغي لذي المروءة أن يكون مع الملوك مُبجَّلًا، ومع النُساك متبتَّلًا، كالفيل: إما أن يكون مركبًا نبيلًا، أو في البرية مهيبًا جليلًا، وقد نظم بعض الشعراء هذا المعنى فقال:
إذا ما لم تَكٌنْ مَلكَّا مُطاعًا فكن عَبدًا لمالِكِهِ مُطيعًا
وإنْ لم تأْنكَ الدنيا جميعًا كما تَخْتارُ فارتكها جميعا
كمِثلِ الفيلِ إما عنْدَ مَلْك وإمَّا في مراتِعِهِ منيعا
قال "عبد الملك" لأعرابي: ما تشتهي؟ فقال: العافية والخمول، فإني رأيتُ الشر إلى ذي النَّباهة سريعًا، فقال: ليتني سمعت هذه الكلمة قبل الخلافة.
[قال] اليزيدىُّ:
ومَا العيشُ إلاَّ في الخمولِ مع الغِنَى
وافية تَغْدو بها وتَروحُ
قيل: الغُلوُّ في العلو مُؤدَ إلى أوضْعِ الضعة
قيل لابن المقفَّع: ألا تطلبُ الأمور العظام، فقال: إن المعالى مشوبة بالمكاره، فاقتصرتُ على الخمول ضنًا بالعافية.
ومثله قول العتَّابيَّ:
دَعينى تَجينى مَتِيَّتى مُطمئنَّةًّ ولم أتحشًّمْ هولَ تلك المواردِ
فإنَّ جسيماتِ الأمورِ مَنُوطهٌ بُمستودعاتٍ في بُطُون الأساور
1 / 36