الْجُمْلَةِ الْأُوْلَى - لِلتَّوْكِيْدِ، وَهُوَ ضَرْبَانِ:
١ - ضَرْبٌ لَمْ يُخْرَجْ مُخْرَجَ الْمَثَلِ: بِأَنْ لَمْ يَسْتَقِلَّ بِإِفَادَةِ الْمُرَادِ، بَلْ تَوَقَّفَ عَلَى مَا قَبْلَهُ؛ نَحْوُ: ﴿ذَلِكَ جَزَيْنَاهُمْ بِمَا كَفَرُوا وَهَلْ نُجَازِي إِلَّا الْكَفُورَ﴾ [سبأ: ١٧] عَلَى وَجْهٍ؛ وَهُوَ أَنْ يُرَادَ (وَهَلْ يُجَازَى ذَلِكَ الْجَزَاءَ الْمَخْصُوْصَ؟) فَيَتَعَلَّقَ بِمَا قَبْلَهُ.
٢ - وَضَرْبٌ أُخْرِجَ مُخْرَجَ الْمَثَلِ: بِأَنْ يُقْصَدَ بِالْجُمْلَةِ الثَّانِيَةِ حُكْمٌ كُلِّيٌّ مُنْفَصِلٌ عَمَّا قَبْلَهُ جَارٍ مَجْرَى الْأَمْثَالِ فِي الِاسْتِقْلَالِ وَفُشُوِّ الِاسْتِعْمَالِ؛ نَحْوُ: ﴿وَقُلْ جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا﴾ [الإسراء: ٨١]؛ فَإِنَّ قَوْلَهُ: ﴿إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا﴾ حُكْمٌ كُلِّيٌّ لَا تَعَلُّقَ لَهُ بِمَا قَبْلَهُ.
قَالَ فِي الْمُطَوَّلِ (١): «وَقَدِ اجْتَمَعَ الضَّرْبَانِ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿وَمَا جَعَلْنَا لِبَشَرٍ مِنْ قَبْلِكَ الْخُلْدَ أَفَإِنْ مِتَّ فَهُمُ الْخَالِدُونَ (٣٤) كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ﴾ [الأنبياء: ٣٤ - ٣٥].
- فَقَوْلُهُ: «أَفَإِنْ مِتَّ فَهُمُ الْخَالِدُوْنَ؟» تَذْيَيْلٌ مِنَ الضَّرْبِ الْأَوَّلِ.
- وَقَوْلُهُ: «كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ» مِنَ الضَّرْبِ الثَّانِي.
فَكُلٌّ مِنْهُمَا تَذْيِيْلٌ عَلَى مَا قَبْلَهُ». اِنْتَهَى.
وَثَمَّ أَبْحَاثٌ جَلِيْلَةٌ تَتَعَلَّقُ بِالْإِطْنَابِ، فَمَنْ رَامَهَا فَعَلَيْهِ بِالْمُطَوَّلِ (٢)، وَاللهُ أَعْلَمُ.
وَهُنَا انْتَهَى الْكَلَامُ عَلَى الْفَنِّ الْأَوَّلِ بِعَوْنِ اللهِ وَحُسْنِ تَوْفِيْقِهِ، وَنَسْأَلُهُ فِي الْكَلَامِ عَلَى الْفَنَّيْنِ الآتِيَيْنِ هِدَايَةَ طَرِيْقِهِ.