فأفادَ منه، ونظَمَ مطالبَ تلخيص المفتاح في أرجوزة لطيفةٍ مُشتهَرةٍ بِـ «مئة المعاني والبيان»، وهي مِن أقدمِ الأراجيز البلاغيَّةِ، وأوجَزُ نظْمٍ لتلخيص المفتاح، فأقبلَ عليها المتعلِّمون والمعلِّمون حفظًا وتدريسًا؛ لوجازتها ودِقَّتِها.
وهذه الأرجوزةُ تُدرَّسُ إلى يومنا في الحِجاز والمغرب العربيّ؛ في بعض المساجد والمعاهد والجامعات، لكنَّ الطَّلَبةَ يشتكون من غيابِ شرحٍ جيّدٍ لهذه الأرجوزة يسدُّ حاجتَهم في فَكِّ عبارة النَّظْم، ويعينُهم على فهم مطالبه ومباحثه.
وقد أثنى العلماءُ قديمًا وحديثًا على مئة المعاني والبيان؛ ومن ذلك:
- العلّامة محمّد المحفوظ التَّنْوَاجيويّ الشِّنقيطيّ (ولد ١٩٣٤ م) في ختام شَرْحِه لهذه المنظومة: «هذا النّظْم الّذي هو أخْصَرُ وأفيَدُ ما قيل في هذا الفنّ ...» (١).
- الميرزا محمّد القميّ المشهدي (ت ١١٢٥ هـ) في بداية شرحه المنظومة: «هذه فوائد علَّقتُها على الأرجوزةِ المنظومة في فنِّ البلاغة؛ لأنَّها فائقةٌ على سائر ما صُنِّف في هذه الصِّناعة؛ لكونها قليلةَ اللَّفظ، كثيرةَ المعاني، قريبةً إلى فَهْم المقاصد للأجانب والأداني» (٢).
- مُحِبّ الدّين الحمويّ (ت بعد ٩٦٩ هـ) في بداية شرحها: «أطلعَني بعضُ الإخوان على هذه الدُّرَّة الوجيزة، وسألني أن أشرحَها شرحًا يُبَيِّنُ معانيَها، ويوضحُ مبانيَها، لمَّا وجدَها مختصرةً تحتوي على لطائف المعاني، ويسهلُ أخذها على مُعاني المَعاني» (٣)
_________
(١) انظر: نَوْر الأفنان ص ١٦٨.
(٢) انظر: إنجاح المطالب ص ١٥٨.
(٣) انظر: شرح منظومة ابن الشِّحنة للحمويّ ورقة ٢.
1 / 30