300

درر العقود الفريدة في تراجم الأعيان المفيدة

درر العقود الفريدة في تراجم الأعيان المفيدة

ژانرونه

============================================================

على عامة مقالات فرق الإسلام، مذاكرا بمذاهبها، مستحضرا لما عليه الكافة من مخالفة السنن، يسرد ما هم بسبيله من التلبس بالمنكرات، كثير التأله والعبادة، محبا لله ولرسوله، معظما لهما، متبعا للسنة، متحريا جهده، بحيث توضأ عندي مرة للصلاة في شدة البرد بماء بارد، فلما فرغ قال لي: ما أظن هذا الوضوء يقبل. قلت: لماذا؟ فقال: لأني وضعت رجلي اليشرى في نعلي قبل لبس اليمتنى، وقد قال عليه السلام: "من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهؤ رد. وقال لي مرة: أنا كل قليل أجدد إسلامي، وأغتسل غسل الإسلام فإني أرى المنكرات ولا أزيلها. وكانت تمر به الأيام لا يذوق فيها هو ولا عياله زادا، لأنه لا يسأل ولا يفطن به، فإذا فتح الله بشيء من بعض إخوانه اشترى به لعياله مآكل. وكان سمحا مفضالا، فإذا شبعوا أخذ ما بقي وتصدق به، فيشتد ذلك على عياله ويقضي بهم الأمر إلى الخصام فطالما أتوتي وشكوه إلي بسبب ذلك فألومه وأقول له: يا أخي، النساء لا تحتمل أن تبيت على غير معلوم، وقد علمت آنهن آقمن آياما بغير أكل؛ فلما جاءهم ما يكفيهم تقدير يومين أو ثلاثة أخرجته عنهن إلى غيرهن، ولا أزال به وبهن حتى ينصرفوا عن رضى فعن قليل يعود إلى عادته في الصدقة بما يفضل عن يؤمهم.

ولقد قال لي مرة: لي نحو ثلاثين سنة ما خرجت من منزلي فحملت هم من أين آكل ولا من أين أشرب؛ ولهذا المقام أشار سري السقطي بقوله: اليقين آلا تهتم برزقك الذي قد كفيته وتغفل عن عملك الذي قد أمرت به، فإن اليقين يسوق إليك الرزق سوقا. ولقد خرجت مرة إلى الشام وليس معي غير عباءة وجريدة وأنا ماش، فبعت العباءة في بلبيس بخمسة دراهم، ومضيت ماشيا فما ضيعني الله، ولقد دخلت قرية من قرى الشام فطلبت ماء أتوضأ به، فقيل لي : لم نمطر إلى الآن، والماء عندنا قليل، فقلت: لابد لي من ماء أتوضأ به، فأتوني بماء فتوضأت، وكان يتوضا بماء قليل جدا. قال: ثم دخلت المسجد فصليت. وكان يطيل القيام والوكوع والقيام منه والسجود والجلوس طولا مفرطا بحيث يقرأ في

مخ ۳۰۰