درر العقود الفريدة في تراجم الأعيان المفيدة
درر العقود الفريدة في تراجم الأعيان المفيدة
ژانرونه
============================================================
فملكها منه أبو العباس، واختفى أبو زيد يوما وليلة، ثم ظهر ليلا، وطرق أبا العباس وقبض عليه وأذلاه إلى الجب، ثم رفعه من ساعته وعرفه قدرته عليه، ثم سلمه البلد وخرج عنها سحر ليلته إلى تونس، فملك أبو العباس قسنطينة في سنة اثنتين وستين وأضاف إليها بعد ذلك بجاية. ثم قتل ابن عمه أبا عبدالله محمد بن أبي زكريا يحيى بن أبي بكر، وتنكر على عمه الشلطان أبي إشحاق إبراهيم بن آبي بكر، وخرج عليه، وجمع لحربه وسار إلى تونس، فلم يظفر بطائلي وعاد إلى قسنطينة وأقام بها حتى مات عثه وقام من بعده ابنه السلطان أبو البقاء خالد بن أبي إسحاق ابراهيم بن آبي بكر، فنابذه أبو العباس وحشد لمحاربته، ونزل على تونس في يوم الجمعة سابع عشر شهر ربيع الآخر سنة اثنتين وسبعين وسبع ميثة وحصرها، فمال إليه العامة وأمكنوه من المدينة حتى دخلها من يومه، فنهبتها عساكره ثلاثة أيام واستبد بالملك من غير منازع مدة آربع وعشرين سنة وثلاثة أشهر ونصف) حتى مات وله من العمر سبعون سنة في ليلة الخميس الرابع من شعبان سنة ست وتسعين وسبع منة.
وكان ملكا حازما عارفا بأمور المملكة، له عناية بذوي الأخساب وأرباب البيوتات، لا يزال يكرمهم ويراعي أحوالهم. وكان صاحب شارة وفخامة وضبط وإمسالك عن العطاء إلا فيما لا بد منه، مع العبادة والنسك. وكان يحافظ على المفروضات، ويصوم مع شهر رمضان شهري رجب وشعبان، ويقوم من آخر الليل دائما فيصلي ما كتب له، ويقرأ القرآن ظاهرا، ويبالغ في إكرام آل البيت التبوي، ويحثهم ويعتني بهم. وكان شجاعا بطلا مقداما صاحب جد بعيد من الهزل، كثير الفكر، شديد الحذر. وله معرفة بالحيل والمكائد، وفيه سكون ودعة وتؤدة، ورفق من غير عجلة. وكان يكره سفك الدماء، ويعاقب على الجرائم بطول السجن. وملك عدة بلاد قاصية، وأخذ جماعات من الأعيان وسجنهم، فملك قسطيلية التي تعرف بأرض الجريد، وعدة ممالك بعد حروب مبيرة؛ فخرج في سنة سث وسبعين، وحارب الأمير منصور بن 245
مخ ۲۴۵